|
معرفات التواصل |
![]() |
|
أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا . |
![]() |
|
أدوات الموضوع
![]() |
انواع عرض الموضوع
![]() |
|
![]() |
#1 | ||
|
كُـلّ من عرفت الجزء الثاني (9) والــــدي : حين ابصرت النور كان عمر والدي خمس وخمسون عاما , لم تكن والدتي هي الأولى فقد سبق له زيجات رزق منها بولد هو الأكبر بيننا غير الشقيق خلاف من ماتوا صغارا , كان ميلاد ابي عام 1900/1318هـ ابي من الرعيل الأول الذين لم تتح لهم ظروف المعيشه الصعبه وبؤس الحال من الأنخراط في العلم الا ماتيسر كي يستطيع قراءة القرآن , الدين عنده في المقام الأول وماعداه من امور الدنيا هو امر مساعد للعيش بكرامه . عانى كثيرا رحمه الله في الكد من اجل توفير لقمة العيش لأسرته , وكان آخرها وظيفة متواضعه في مسجد الرياض الكبير , موقوفة على الأهتمام ببعض الأعمال البسيطه في المسجد لعل المرهق فيها امران , الأمر الأول انه يجب ان يتواجد مرتين في اليوم رغم بُعد السكن كي يفتح او يغلق ابواب وانوار معينه , والثاني ان يقوم بفرش السجاد في الصفين الأولين ويطويها كل يوم جمعه بمساعدة بعض رفاقه بالمسجد . كان هذا الأمر شاقا عليه مرهقا ولم يكن بيده الممانعه , ومع ذلك كان مايتقاضاه لقاء عمله لايكاد يفي بمتطلبات الأسره , لكنه كان راضيا محتسبا معتبرا ان خدمة بيوت الله فيها من الأجر مالايعادله أي مردود دنيوي , الا انه بعد سنوات طويله من هذه الخدمه , بدأ تأثير ذلك عليه , فأصابه ماأصابه من علل جسمانيه ليموت في النهاية في غرفة العمليات في منتصف عام 1980/1400هـ . لاأذكر عن والدي الا كل خير , كان رجلا بسيطا قانعا لايهمه من امر اسرته سوى القرب من الله في القول والفعل , يمضي نهاره في قراءة القرآن والتسبيح وليله في الصلاة والدعاء , عشنا جميعا في كنفه مرتضين بما قسمه الله لنا على يديه , وحين تقدم به العمر كنت انوب عنه في عمله البسيط شهور الأجازة الصيفيه . تعلمت منه الكثير من الصفات الجميله , الأحساس بمسؤلية الأسره وعدم تأجيل ماتستطيع فعله اليوم , الرضا بواقع الحال وعدم النظر لما في ايدي الناس , حسن الظن بالناس , وان رزق الله آت وان طال امده وان المرء من غير دين وقرب من الله هو مضيعة للعمر . رحمه الله كان بسيطا في كل امره , افتقدته وانا في منتصف العشرين من عمري , واحسست ان فراقه ترك فراغا اسريا ومكان في النفس لايعوضه مال الدنيا , وجود الوالدين في حياة المرء ليست للصرف او التوجيه او التأنيب او خلافه من العلاقات الأنسانية فقط , وجودهما له مذاق خاص يصل الى درجة الحياة نفسها , وفقدهما هو انكسار للأبناء مهما كبروا او تعلموا او تزوجوا او استقلوا , جميعنا نبقى في وجود ابوينا اطفالا مهما كبرنا نشعر بهم السند والحظن ورائحة المسك ونغمات الكلام , انكسر ظهري بفقدي والدي , وما كدت ابدأ في رصف مكعبات قلبي الباكي حتى عاود ظهري انكساره وبشده بعد ان فقدت ست الحبايب , غاب عني بفقدهما ذاك الدعاء الذي اعتبرته زادي وفنار طريقي في لجج الحياة القاسيه , كانا لي مكابح عن الخطأ وكنت احسب لغضبهما الف حساب رغم قدرتي على الأستقلال الا اني كنت استمتع برضاهما كلما وجدت انهما ابعداني في كل مره عن الزلل بكل انواعه . رحمهما الله ورزقني توبـة ورضا اختم بهما حياتي بعدهما القادم ( شريكي في حب الموسيقار )
|
||
![]() |
![]() |
![]() |
#2 | ||
|
بعض من عرفت الجزء الثاني (14) لم يغزُ قوما ولم ينهض الى بلدٍتَقَدّمَـــــــــهُ جيْــــشٌ منالــــرّعب ابوتمـــام وانا في السنه الثانيه الأبتدائيه , في المدرسه العزيزيه , وفي عصر كان يقوم على التعليم فيه معلمون من الشام بمختلف جغرافيتها , اغلبهم من فلسطيني وا الأردن , استقدمتهم بلادي للنهوض بالتعليم , في وقت كنا نعاني نقص المعلمين الوطنيين , وخلافنا السياسي مع مصر حرمنا من تنويع المعلمين الا من الشام برقعتها الوسعه وبلدانهاالمختلفه وكان نصيب الفلسطينيين الأوفر , تعاطفا مع قضية العرب الأولى وتقديرا لظرفهم الأنساني . فتحنا اعينناعليهم يقودون العلم خاصة الصفوف الأولى الدراسيه. كنت لاأزال في مرحلة الدراسه المبكره , وبرغم كثرة المدارس التي تقلبت عليها ,الا ان المعلمون لم يتبدلوا , هم نفس الجنسيه , واللهجه , والبياض , والأسلوب احيانا . من هؤلاء لازلت اذكر الى اليوم عبد الحميد , مدرس ( العربي ) هكذا نسميها ويشمل تدريسه ( القراءه , والخط , والأملاء ) من كتاب ( المطالعه ). وللأسف ان هذا المعلم يحمل بين جوانحه حقدا وضغينه وكرها لعل مصدره ماوصلت اليه حاله من هجر بلاده وضياع حقوق لايد لنا فيها , وكنا اطفالا لانعي من امر الدنيا شيئا ولايبعد فكرنا عن ماهو حولنا , كان يعامل من يخطيء في القراءة اوالكتابه حتى لو كان ميل بسيط عن السطر , يعامله بطريقة انتقاميه لاتمت للتعليم ولاللخلق الأنساني بأي صِلـه ! وللأسف لم يكن احد من التلاميذ يشكو لأهله غرابة تصرفه , وعلوّ عقابه عن المألوف , كنا في زمن يقدس المعلم ويراه مجتمعنا كمايرى البعض اليوم المشايخ ! وصل الأمر بهذا المعلم ( الذي تتبرأ منه هذهالمهنه العظيمه ) الى انه كان يفتح فم الطالب الكسلان في مادته ويبصق فيه ! كان يأمرالطالب ان يقف ووجهه الى الجدار رافعا يديه واحدى قدميه عن الأرض , والويل له إن انزلها , ويستمر الوقوف طوال الحصه , وإن حصل وتحرك الطالب يمسكه من خلف رقبتهويضرب برأسه زجاج النافذه ! لاأريد الأسترسال اكثر في الوان عقابه وتفننـه في التسليه على تلاميذ ابرياءجاءوا للعلم فوجدوا انفسهم بمعتقل !احمد الله واشكر فضله اني كنت من الطلاب الجيدين في مادة ( العربي) فلم يطالني من انتقامه مارأيته يحدث مع بعض اقراني . ويشاء الله بعد سنوات طويله ان اصادف هذا المخلوق الغريب يوما وانا في السوق ابيع الكتب والمجلات , فقد رأيته يقف امام ( مبسطي الصغير ) ويطيل النظر في وجهي , ثم يسألني إن كنت درست يوما في مدرسة( العزيزيه )؟ وبعد صمت قليل تذكرت المدرسه وأجبت بنعم؟ فقام بتعريفي بنفسه وانه كان يدرسني مادةا لعربي . شريط سريع كفلاش الكاميرا صافح ذاكرتي فتذكرته, وهل مثله يمكن ان انساه , لكن كثرة الأحداث وتقادمها تلتحف احيانا بعض الصور . قلت له الازلت هنا لم تسافر ؟ قال كمن يستخف بسؤالي : واين اذهب وبلدي محتل؟ وللحقيقه , شعرت بامتعاض حين رأيته , نفس الوجه القاسي الحاقد رغم تكالب السنون وخطوط العمر, تمنيت ان لم اراه , حين تذكرت افعاله بالتلاميذ , فقد كشف غطاء قذر كنت قد واريتهالزمن المنصرم , لكن تأبى الايام الا ان تعيد بَكْراتها صفحات مهترئه لأيام قاسيه. اهملتهحين جاء احدهم يسألني عن كتاب , كنت ارغب جادا ان يشعر باحتقاري وركلي لــه , ولو بالأهمال . وقف قليلا يقلّب نواظره اللئيمه بيني وبين الكتب المفروشة فوق الرصيف , ثم جرجر قدميه وغادر , لاحقته عيناي وهو يبتعد متثاقلا بفعل الشيخوخه . كم فياعمارنا من شخوص نرغب وجودهم معنا دوما , وكم من وجوه نتمنى ان يسترها القبر. الى اللقاء
|
||
![]() |
![]() |
![]() |
#3 | ||
|
بعض من عرفت الجزء الثاني (14) قم للمعلم وفّـهِ التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا احمد شوقي سعد / استاذي الذي اصبح صديقي في آخر سنة دراسيه , وفي مدرسة اكل عليها الدهر وشرب , التقيت معلّـما لم يكن ضمن طاقم التدريس الذي نهلت منه مانهلت من علم تبخّر مع الزمن , فقد كان تلقيناً اكثر منه علما , لكننا كنا نتراءى في راحات مابين الحصص , كانت المبادرة منه في المعرفه , فقد كان يراني اغلب وقتي اقرأ كتابا او كتيبا لاعلاقة له بمناهج الدراسه , فما إن تعلن الصافرة بدء الفسحة الطويله التي تنتصف فترات حصص الدراسه , حتى اركن الى احدى الزوايا البعيدة عن الضجيج , وأبدأ عراكي مع السطور , منسحبا عن كل ماحولي منهمكا في حدث الكلمه والصفحات. دخلت يوما مكتب مدير المدرسه لأسأله عن أمر , لا أذكره الآن , فأشار لأستاذي أن يرى طلبي , فقام مشكورا يبحث في ارشيف المدرسه واجتهد حتى وجد ضالتي , وسلمني اياها بعد ان استأذن المدير الذي وافق مشكورا ايضا . اخذ استاذي يسألني عن ما اقرأ وأن ماأقوم به غريبا في مدرسة اغلب طلابها لايهتمون بالقراءة الحره . دار بيننا حديث قصير قارب فيما بيننا , وتواصل الحديث المتقطع بين حين وآخر , وعرفت منه انه من القارئين النهمين , وان لديه مكتبه بالبيت تحوي الكثير من الكتب والمجلات الأدبيه , واستمر الحال بيننا الى نهاية السنه الدراسيه , انهينا الأمتحانات وغادرت المدرسه منتظرا النتيجه . بعد اسبوعين , رجعت الى المدرسه لأستلام الشهاده , ووجدت استاذي ومعه زميل له , في مكتب المدير ينتظرون من يأتي لأستلام شهادته . استقبلني بشكل جيد وسلمني شهادتي , ثم اعقبها بدعوتي لمنزله ورؤية مكتبته على ان يرد الزياره ليرى مالدي من كتب , اخذت العنوان , وزرته في الموعد المحدد بيننا , والحقيقة هالني مارأيته من حجم مكتبته وحسن تنظيمها واحتواءها على العديد من كتب اغلبها لم اسمع عنها , فقد كان يسافر كثيرا ويجلب معه في كل مره حقيبة او اثنتين تئن من محتواها . قضينا وقتا جميلا في استذكار مالدى الأدباء والشعراء من حسن القول وجميل التراث , وادهشني منه مكتبة موسيقيه تحوي العديد من التراث الغنائي الجميل , واكتشفنا اننا نجتمع في حب فريد الأطرش , وهذا زاد من عمق العلاقه . وخلال سنوات عديده جميله , تبادلنا خلالها الزيارات والأفكار والاغنيات , كان رجلا رائع الفكر بشوشا كريما في عطائه وفيا لكلمته . وأسفت ان اديبا مثله يعيش مغمورا فقد كان يشبهني في انزوائي وغرامي بالوحده , ضنين العلاقات الأجتماعيه إلا فيما يخدم هوايته من شبيه مثله . بعد سنوات نسيت عددها , انفصلت عُرى تلك الصداقة الجميله , ليس بسببنا , بل من دوامة الحياه , التي تأخذنا من السكون الى الضجيج , ومن الفراغ الى الإزدحام , كلانا تزوج , كلانا انشغل بتقلبات الحياه , ونكدها المرغم احيانا , ثم جاء الهاتف , فتواصلنا معه ردحا من الزمن , الى ان طحنتنا دوامة الحياه , واصبح لكل منا طقوس حياته المختاره والمكرهه , زوجات واولاد وامراض واختلاف مزاج ... الخ لازلت اذكره بكل خير , فقد اكسبتني الحياة من شخصه فكرا ومن صومعته ثقافة استقامت معها ذائقتي , كان يختار لي احيانا ماأقرأ ويمتدح لي كتابا ويصف لي بعض محتواه , فيشعل فضولي واستعيره ثم اعيده . في مشوار الحياة يركب معك في قاطرتها من تأنس اليه وتأسف على فراقه , لكنها محطات الحياه , فإن لم تنزل انت , نزل هو , وبقدر فرحتنا باللقاء , نحقد على الوداع . الله يذكره بكل خير القادم ( ... )
|
||
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة
|