بَنور *

[حصه العامري]

.
.


ر.خ :
( لَستُ مِن الغائبين بِتَرف ) .

.
.
.

 

[حصه العامري]

.
.

العَينُ المُنتَهِيَة عَيني, والأَزرار أَزرارُ مَساءاتي المَقضومَة, وجَميع الدُموع مُبتَذلَة .. ووَجهي غير آبهٍ بِبنُوَتهِ للشَمس .
لَستُ إلا إِبنةً لِطواحين أَجداد الريف, للمَحاصيل الساجِدَة وهناً لِأنيابْ الجراد, لِلبطون المُنتفخه لِأطفال أفريقيا الجياعَى .. لِصراط الأُمنِيات غير المُستقيمَة .
صَدقوني إن أَخبرتكُمْ أن الكِتابة على الجِدار الأصفر الباهِت لِغُرفتي كالعَبث على صَدر أَبٍ مَيت لا مَدد لإتِساعه,
ولا فرصة مضايقة أَبناء الجيران لِلمُنافسةِ عَليه, وغِيابٍ تام لِمُراقبة وتَهديد أُمي بالكف عَن الكتابة, وتجنُبٍ مُريح عَن فضول أعيُن وشِفاه إخوتي حينَما أُدون.

وَفوق هَذا كُلِه يَظنون أَنني لا أَبتَسِم !
الحَقيقة أَنني أبتسِم بَل وأضحَك في الأَوقات الحَرِجَة, في المواعيد الخاطِئَة, في وَسط الشَتائم البَذيئة, تحت رؤيَة أيار الغاضِبَة تَماماً,
ليس في الأَمرِ إستفزاز بل تَداخُل يَومِياتي ورَغباتي وشَراستي وإطمِئناني وتخبط فراستي, وإرتِجافات عَقارب الساعَة .

-



يا عُلبة السِحر في عَينيك, يا دَكاكين الصَومِ بين خُطوط جَبينك .. أَلسنا إِلَى لَحظتكِ التي لا تَقرأُ فيها أصابعي الطَويلة مُلائمين لِلمَوتْ ؟
ألَن نَكُف عن هِجرتنا اللا شَرعية إلى بلاط الأُمنيات البَشرِية ؟
كَيف تَتقاعَس عَني/مِني وبَيني وبَينك عهود المَقبورين والضالين التائِهينْ !

إن أشياءُك المَنفِرة تخلقُ من الحَنين حُليٍ للذاكِرَة, وعُلب الأَلوان الذائِبة تَتقافَز برتابَةِ على مَلامحي النائِمَة ..
كيف لي أَن أُحلِق إلى مابَعد التُربة وأنت تسرُق التِلال والأنهار مِن صَدري .. مِن صَدري !

يا فَرداً يضمحِلُ في وَجهي .. ياوَجهي الآخر .

*يافَرداً لما وَراء 2010 .. 2009 .. 2008 لما وَراءهُ بكثير .

 

[حصه العامري]

.
.

الأَشياء الثابِتَة .. الأَشياء القَديمَة لا تَعود .
كَصحراءٍ لا زالت أسيرَة حُزنها في فاجعَةِ هجرة البَدو عَن صَدرِها, كغضبِ أُمي بالضبط الذي بات يَفقِدُ
صلابتهِ لِيتحول إلى أعظم صَبرٍ عرفتهُ حِصه.

هُنالك ياصُحبة الأقلام ثمة جروحٍ لا تُفارِق مُستودع الذاكِرة لا يُقيس ثيابها النتِنه
عمرٍ ولا صُلح ولا طَوارئ أفراح مؤقتة.

 

[حصه العامري]

.
.

لَن يَجمعنا الله مُجدداً تَحت ظِل " تخيل لو إفترقنا ؟ "

قد حدث وافترقنا وانْتهَى .

 

[حصه العامري]

.
.

يا يَقيناً أحيا المَيت في صَدري, يا "بروفا" رائِحة الجَنة .
قال أشياءً لا تُدوخني حقيقةً .. بل جعلني أركِزُ جيداً في مفاجآتِ قدري .

 

[حصه العامري]

*

صَبرٌ مُعنون ياصديقي القَديم . وأنا جرح مستديمٌ طَري وعلى ذلك لستُ بجديدة .

أوقعتُ عنوةً مَلامح الترقبُ المُبرح من وَجهي على حافة رصيفٍ لا أعودُ إليه .
وأحتمَيتُ بظلٍ لِأبٍ بدأتُ أنسى مالهُ مِن تَفاصيل شكّلِية لولا فَضل الصُور العالقة في صَدري المعطوب .
فالصُور صُور وإن أَحيلَت بِداعي الشوقِ إلى حاضِر, فهي لم تُلتقط سِوى لِحفر أنفاق الذِكرى اللا نِهاية لروعة حلكتِها .
لتذكيرنا أننا خُلِقنا لنبدو أنيقين دوماً للأمس, وتذكرنا بأشخاص قد ألحوا علينا يَوماً بِضرورةِ حِفظ وجُوهِهمْ الباسِمِة لِأنْهُم لَنْ يَعودوا مُجدداً .

ياصديق السنون ..

حينها أشعلتُ هدنة سَفرٍ لا يَتوقف بيني وبَين قصيدة الظِلّ النائِح حينما كُل شيءْ تَمزاجني كمقبرةٍ جماعية فاضت مِنْ مَوتى المُسافرين,
إدعيتُ أني صبورَة وقَلبي تُربة مزروعة للأطفال .. ولَمْ أصرُخ في وجوهِهم : أنني أيضاً شَهيدة سَفر أحتاجُ إليّ .. هل مِنْ حيزٍ لي ؟!

لا أريدُ أكثَر من ذلك أن تُكَرِرُني الصُدف المتأخرة.. فأفزعُ إلى حُضن السهر كغصنٍ يُعريه الإنتِظار من آثار مَخالب العصافير وسَكينة الشِتاء .
أكتُب لِأدفنْ بُحرية في وَطن الأشياء التي لا تَكتمِل, وأُعاني للا أتذمر .. هل يتذمَر البار مِن بِرِه ! ويَعطش من بحرٍ مالِح أرادهُ يوماً بلا شروط !
وكُل شيءٍ يستنطِقهُ حُب ياصَديق .. قد غَفيت عنه حتى لا أَكون جزءاً مِن "حُب" .
فللرَسائِل المُنتهِية أيضاً صَلاحِية التوعُك المُستديم وحاسَة الموت كهيئِتي التي أعتدتُ على منظرِها المُستفِز .

إِما أن لا أنام .. أو أنام على لَعنةِ كوابيس وتعرق الذِكريات في أولى ساعاتِ الفجر ..
فأخترتُ أن لا أنام ..
فأين المُلام لِأعاتبه أكثر في لَحظةٍ نِداء بلا صَدى : يا أبي عُد ولو قليلاً لِتُرتِبَني الوَهلة التي لاتَحينُ بين أصابِعك وخُذني مَعك .

* اللوحة :
Salvador Dali : The Ship

 

[حصه العامري]

.
.

وماذا بَعد يالله, أشياءُ حصه كيف سَتغدي في رَمضانْ القادِم ؟
*
فكرة أن ُهنالك أشهر أُخرى, وأحداث جَديدة وقديمة مُستجدة, وهبوط وصعود .. إلى ذاك اليَوم .
حقيقةٌ تُوترني وتجعلني أرغب بالتقوقع أَكثر عَلى صَدر أُمي وإخوتي فقط .. فقط .
وحدك تَعلم يالله ذاك الدُعاء الذي أُمطرهُ في سجودي لوجهك الكَريم . يالله لا تَحرمني برقيات الإستجابة . يالله .

 

[حصه العامري]

.
.
" ماتخون المَلامح لو يخون الكَلام " .

حَقاً ياصُحبة الفجر .. ما أشطر الشَيطانْ ملعون عُجالة, مُخرِب ألذ النَسمات المَطرية .
حَيثُ تباً لِصراط الرَسائل الشَوكية, رسائِل حُفاة آكلي البَشر, والشيطان أكل حُلمي .
-
أعيُن 23 مايو 1989 .
لها رسائِل أوجعتُ فيها صبر أُمي, في يومٍ فضولي .. فصوليّ .. أَتَى بي وكَفى .