حَمَّالَةُ الخُطَبِ

خُذِي فُنْجَانَ قَهْوَتِنَا
وذوقِي _مَرَّةً فِي العُمْرِ_ طَعْمَ مَرَارَةِ العَرَبِ
خُذِي الفُنْجَانَ ذَا أَحْلَى شَرَابٍ فِي فَمِ العَربِي
إذَا مَا كُنْتِ بَاحِثَةً _ لِهَذَا الطَّعْمِ _ عَنِ سبَبٍ
سَلِي (المِهْبَاشَ)* والدّلَةْ
فإنَّ لِكُلِّ مُعْتَلٍّ _كَمَا تَدْرِيْنَ يَا مَنْ ذُقْتِهِ_ عِلَّةْ
سَلِي الأَطْفَالَ يَا (فَكَّاكَةَ النَّشَبِ)*
وَيَا حَمَّالَةَ الخُطَبِ
ويَا من جئتِ أرْضَ العُرْبِ مُنْقِذَةً
مِنَ الوَيْلاَتِ والكُرَبِ
سَلِي إِنْ كنُْتِ بَاحِثَةً _ لِهَذَا الطّعْمِ _ عَنِ سَّبَبِ
***
سَتُخْبِرُكِ الحَقِيْقَةُ أَنَّ فِي أَضْلاَعِنَا قَهْرا ..
وَفِي بُلْدَانِنَا فَقْرا
وفِي أَعْمَاقِنَا ذِلَّة
وَأَنَّ القُدْسَ مَا زالَتْ _ كَمَا بَغْدَادَ _ مُحْتَلَّةْ
وَمَا مِنْ وَجْنَةٍ إلا بِنَار العَيْنِ مُبْتَلَّة
(وَلَمْ تَأَتِ المَرَارَة تِلْكَ فِي الفُنْجَانِ مِنْ قِلَّةْ)*
***
فَهُزّي ذَلِك الفُنْجَانَ مَرَّاتٍ وَمَرَّاتٍ
وَمَرَّاتٍ
فَلَنْ تَرَيِّنَّ غَيْرَ تَسَاقُطِ الأَشْلاَءِ مِنْ أَطْرَافِه كَتَسَاقُطِ الرُّطَبِ
وَذَا إِكْرَامُنَا للضّيْفِ كَيْفَ تكُوْنُ قَهْوَتُنَا
إذا امْتَزَجَتْ بِنَكْهَةِ ثَوْرَةَ الغَضْبِ
***
لِقَهْوَتِنَا تَقَالِيْدُ:
فَنَحْنُ إِذَا سَقَيْنَا الضَّيْفَ مِنْ فُنْجَانِنَا
أَمِنَا
فَكَيْفَ .. وَأَنْتِ وَالبَاقَوْنَ تَقْتَاتُوْنَ
مِنْ دَمِنا؟
لِقَهْوَتِنَا تَقَالِيْدٌ وَأَعْرَافٌ سَنُلْغِيْهَا
وَمَا فِيْنَا مِنْ الآلامِ
والحَسَرَاتِ
والنَّكَبَاتِ
والآهَاتِ
والطَّعَنَاتِ
_حَتَّى إِنْ شِرِبْتِ القَهْوةَ العَرَبِيَّةَ السِّمْرَا_
سَنُبْقِيْهَا
***
لقَهَوَتِنَا امْتِيَازاتٌ:
1. تَشَكُّلهُا:_كَمَا أَسْلَفْتُ_ مِنْ وَجْعٍ
2. وَنَشْرَبُهَا مِنْ الفُنْجَانِ لا نُبْقِي بِهِ نُقْطَةْ
قَدِ اعْتَدْنَا عَلَى أَنْ نَجْرَعَ الأَوْجَاعَ ذِي مِيْزَه
3. وذا الفُنْجَانُ لا يُقْرَأْ
وَلَمْ يَقْرَأْ
ولَكِنَّ التّقَالِيْدَ العَرِيْقَةَ أَعْطَتِ الفُنْجَانَ _ رُغْمَ جَمَوْدِهِ _ سُلْطَة*
وَذِيْ أُخْرَى
4. وَقَدْ أَعْطَتْهُ أَيْضَاً أَنَّ مَنْ يُسْقَى
مِنَ الفُنْجَانِ أَحْصَنَهُ فَلاَ يُؤذَى
_ وَإِنْ فِي حَقِّ مَنْ أَسْقَاهُ قَدْ أَخْطَأ_
وَذِيْ نُقْطَةْ
وَلَكِنْ كَوْنَ (أَمْرِيْكَا) مِنْ الفُنْجَانِ قَدْ شَرِبَتْ
سَنُلْغِي هَذِهِ النُّقْطَة !
*الأداة التي يُطْحَنُ فيها البُنّ
*فَكَّاكَةُ النَّشَبِ: هذا ما كان يستعمله البدو في البادية عند التقاضي أمام القضاة
حيث يقول من يريد التّحدث: يا قاضي يا قاضي العرب يا فكّاك النَّشَب
أي يا من تقوم بحلّ الخصومات (النّشب)
* نقول بلهجتنا المحكيّة لما نتحدث عن حال شخصٍ وقد ساءت حاله
(هالشي مو من قلّة) أو (أي هو اللي صار فيه قليل يا رجل!)
*من تقاليد القهوة أنّ الفنجان له سلطة حيث من يشرب من قهوتك
تحترمه كونه شرب منها فلا تؤذيه وإن أساء لك
احتراماً لشربه من قهوتك
أحمد العراكزة6/8/2007