الأدب .. مرة ً اخرى

[ظافر الهرمسي الهاجري]

تستطيع أن تقول كل ما تريد .. ولكن بأدب، تستطيع أن تبحر لجميع الأقطار بأقل الأثمان، تستطيع أن ترسم على الجدران .. وكذلك أن تحلم.
من منا لم يرَ نفسه في المرآة ولو لمرتين في اليوم، من منا لم ينتقد نفسه في الإسبوع ولو لمرتين، من منا لم يَخْلُ مع نفسه ولو لمرتين في الشهر .. ولو صدفة ً.
قد يكون الحزن ذلك الغطاء الوحيد الذي يدفئ الجسد من صقيع الحزن والوحدة والبرد كذلك، قد تكون الدموع تلك .. هي الوحيدة القادرة على ترميم كل صدع ٍ قد تشقق في أسوارنا النفسية، قد يكون البعد أمل والصمت أمل لحياة خالية.
الشتات أصل البحث كما الظن أصل اليقين، فعندما يقطع السيل الطريق تنبت على أطرافه الزهور، فيعج المكان برائحة الورود.
هو الإنسان يستطيع أن يكون لصًّا وأن يكون زيرًا وأن يكون وحيدًا .. وكذلك أن يكون شخصًا ما.
فلا غرابة من وجود العباقرة والساسة والفلاسفة والشعراء والفنانين .. وكذلك المعتزلة، أنجبتهم الظروف وسقيا الإبداع أظهرهم.
منهم : من يرسم الطرقات، منهم : من يحث الخطى، منهم : من يغني للمارة، منهم : من يرشد الحيارى، منهم : من ينظف تلك الطرقات.
في هذه المسارات لا مجال للراحة وإنما بإمكانك أيها الإنسان الشيق أن تنتقل من مسار ٍ لآخر حسب ما تراه الحياة لك.
إن التراكيب الحياتية العجيبة تحتاج إلى إنسان ٍ عجيب كي يدير دفة الأشرعة بهندسة ٍ فائقة .. ولا يمكن ذلك إلا ما ندر.
فالغياب أبلغ مبرر للحضور، والحرمان أبلغ ناطق للشعر، والأمومة أسمى مراتب الحنان.
فسيبويه والزمخشري وأبي علي الفارسي وغيرهم الكثير أبدعوا في اللغة العربية وهم في الأصل من بلاد فارس.
فإن أردت شيء فلا بد أن تمتهن التلمذة والمواظبة والبحث .. لذلك أقول : الأدب مرة ً أخرى.



ظافر الهاجري
Al-hajri.z@hotmail.com