عندما تهاجر العقول

[سعود القويعي]

يجثم على المجتمعات القبليه عادات وتقاليد متوارثه لاتستطيع الفكاك منها بسهوله فهي لايمكن علاجها او استئصالها لأن هناك من يتمتع بظلام الجهل ويزعجه نور العلم .....
هناك الكثير من العادات التي لحقت بنا من ظلام الجاهليه والبسها البعض رداء القدسيه وكأنها آيات منزله لاتقبل التحريف او التبديل !

والسؤال الذي يطل برأسه دائما : لماذا تستعبدنا عادات الغالب منها لايقره دين ولاعقل سويّ؟

إن الأمم والشعوب فوق المعموره تتفاوت في كل امر ومسلك .... منها ماهو منطقي ومنها مايلفظه العقل جملة وتفصيلا .

واذا كان هناك شعوب غارقة في الجهل بسبب عوامل اقتصاديه او فكريه .. جعلتها شبه منسيه من العالم الخارجي ... فبقيت منبوذة بعادات يحيط بها المرض والجهل والفقر اعداء الأنسانية الثلاثه الأزليه ... فإننا نجد لها بعض العذر في ذلك لأن نمط حياتها لايزال يعيش بنظام القبيله بطقوسه الدينيه وعادات زواجه واكله ومناسباته ولبسه وخرافاته وخزعبلاته وجنونه .
ولن نناقش فيه لأننا لو تحدثنا عنه فإن الحل في نسفه من جذوره وبناء مجتمع جديد يتماشى والعصر الذي يعيش فيه .

لكن الطامة الكبرى والحيرة الأعمق ان يكون هناك مجتمع مدني يتفاخر بنظافته وتعامله مع ادوات الحظارة من مأكل ومشرب ومركب وملبس ... الخ

الا ان المشكله لاتكمن في مايحيط بنا من ديكور ولمعان تحسدنا عليه بعض الشعوب ... إن المشكلة الحقيقيه في مانحمله ( تحت العقال ) من عقول تشدنا للوراء بنوازع غبيه وافكار حجريه لاتعيش الا في الكهوف وبين احظان الديناصورات .

هناك بعض الصفات الأصيله التي تغلفنا كعرب فقد شهد لنا التاريخ بالوفاء والكرم واغاثة الملهوف ... ولكن لكل زمن ظروفه بحسب تغير الأوضاع وتلونها ....
فما كان معقولا ومقبولا في زمن فإنه لايتماشى وزمن آخر ...

خذ مثالا سريعا :
كانوا في الأزمنة القبلية العربية الغابره ... لابد من اكرام الضيف ... فتنحر له الأنعام وتفرش الصحون ويجتمع الداني والقاصي وينعمون بالوليمه ....
لم يكن هناك مايمنع ... فقطيع الأغنام ترتع في العشب وعجائز القبيلة يقمن بالطبخ ... وانتهت المشكله .

اليوم يأتي الضيف من ( ديرته ) ليقضي بعض مصالحه في الدوائر الحكوميه ويحل ضيفا ( غير مرغوب فيه ) على موظف كحيان من قبيلته ... بالكاد يدبّر امر عائلته ...
وعليه ان يستدين ليؤدي واجب ضيف الدوائر الحكوميه ...؟ واحسب قيمة الذبيحه وثمن طبخها ومايلحقها من هوامش ؟؟!!
ليس كرما منه او اقتناعا بواجب الضيافه بقدر ماهو اسكات هذا الضيف الثقيل ان يفضحه بين ابناء قبيلته عند عودته ؟؟؟!!! ( ياخي مايفضح ؟؟؟ هل رآني في امر يخالف الدين ؟ سبحان الله )
اليس افضل من ( دفق ماء وجهك ) امام زملاؤك في العمل تستدين ؟ فيعطيك هذا ويشيح عنك ذاك ؟؟؟
والنهاية ميزانية مختلّه لاتلبي حاجة اهلك المسؤلين منك .!!!

ماملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه

خذ مثالا امرّ :
كانت المولودة في زمن مابعد الوأد وحين يجتمع القوم للتهنئه وليؤذن في اذنها ... يغرد احد الجالسين ممن استعبدته شهوته وقد جاوز الخمسون او الستون فيقول موجها غثائه لوالد المولودة او جدها او من ولي امرها ( يافلان ترى هالبنت لي ) اي زوجة له حين تكبر! فيرد عليه ذاك بجهله ( جتك ... ماتغلا عليك ) من هذا الكلام او ماشابه ؟؟؟ فلم اكن معهم ولا احب ان اكون .
هكذا وبسهوله تم الحراج على البنت وبيعت ؟؟؟!!!!
والله إن الإنسان يحتار ويأخذ منه العجب كل مأخذ...؟ كيف تعامل المرأه هكذا؟؟!!

سيقول البعض ممن يعيش في وسط مختلف في مكان مغاير ان هذه امور انتهت ؟ فأقول بأنها لاتزال موجوده وإن اخذت اشكالا أخرى ....
فبعض الأسر ( للأسف ) لاتزال تصرّ ان البنت حين تستقبلها الحياه يستقبلونها بالقول أنها لإبن عمها !!!

هكذا ... بقرار قبلي متسلط تم تقرير مصير البنت دون الألتفات الى مشاعرها ومدى قبولها لمن حددت له من عدمه ....
السؤال:
اين دور الدين ( تستأذن)
اين دورها كائن له وجوده في المجتمع فاعلا ومتفاعلا يبني ويعطي الى جانب الذكر؟
اين هم من احساسها وميلها وقلبها .
وماهو دور من اعطيت له ؟ هل هو الآخر لارأي له ؟ وكيف يقبل على نفسه ان يرتبط بمن لايقبله قلبها ؟
ولنفرض ان شكلها لم يستحسنه وإن تكن خلقة الله ولا أعتراض ؟ او طبعها مخالف لطبعه؟
هو هاديء وهي متسلطه؟ هي رومانسيه وهو جلف؟
هي تحب الفنون وهو متزمت يراها رجس من عمل الشيطان؟
والكثير من اختلاف الطباع؟؟!!
للأسف ان في مجتمعنا ( الإسلامي ) الكثير من العادات والطباع البعيدة عن الدين والمنطق .
هناك من اعماه جهله وعصبيته ، هناك من غرته دنياه بماله ، هناك من ركبه غروره دونما سبب ( عايل ومستكبر)

نحن للأسف في مجتمعنا الكثير من السلبيات في السلوك والنظرة الدونيه للآخر ، مع اننا بشر كسائر البشر ولانتميز عنهم بشيء ...
الله موجود في كل الدنيا ، الخير في كل النفوس كما الشر في كل ركن ، وقس على هذا كل السلبيات والإيجابيات .

انا لست مع المتشدقين الذين يقولون لنا خصوصيتنا ؟؟؟ وماهي خصوصيتنا ؟وبماذا نتميز ؟
نحن كغيرنا ، لدينا عادات جميله واخرى قميئه ، فينا العاقل والمختل ، نمتلك الحب والكره .
لسنا قديسين ولاشياطين ....
نحن مزيج بين هذا وذاك ....
السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .

وفي النهاية ... كونوا كما تريد لكم شريعة الله الخالصه ، كونوا كما يقول العقل المستنير ، كما اراد لكم رسول الهدى .

لاتكونوا كمن يتبع ظله ليدله ...
والسلام على من اتبع الهدى .... فاهتدى .... ثم هدى .

ســـعود

هديه :
ومن لم يصانع في امور كثيرة يُضرس بأ نياب ويوطأ بمنسمِ
ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفره ومن لايتق الشتـــــــــــم يشتم
ومن يك ذا فضــــــل فيبخل بفضـــــله على قومـــــــه يستغن عنه ويذمــم
ومن هـــــاب اسباب المنايــا ينلنــــــه وان يرق اسبـــــــــاب السماء بسلّم
ومن يجعل المعروف في غير اهلـــــه يكن حمدهُ ذمّـــــــا عليـــــــه ويندم
زُهير بن ابي سُلمـــى

 

[مجاهد السهلي]

ما شاء الله ...

قلم رصين ، موغل في العمق ، عادل .

لا حرمني الله الإستفادة منك أخي السعود..

الله يوفقك يا أخي

 

[سعود القويعي]

اخي مجاهد

كل الشكر لتفهمك المعاني والمقصد
كن بخير

 

[طارق المالكي]

الأخ سعود القويعي ..

أشكرك على هذا المقال ..

أوافقك تماما فيما طرحت ..

في البداية لابد أن أنوه بأن الكاتب استخدم تعبيرا قصد به تحديد نوع المجتمع حيث قال ( تحت العقال ) ..
فيتضح للقارئ تلقائيا بأنه يقصد مجتمعا خليجيا بشكل عام, وسعوديا بشكل خاص ..
وجميل أن ينقد الشخص مجتمعه, حيث يُظهر عيوبه للبحث عن علاج لها, ويظهر حسناته للحث على المحافظة عليها ..
فما يدفع الناقد "السوي" لنقد شيء ما يراه خاطئا أو ناقصا هو السعي للإصلاح ..
ولولا حرصه لمشى مع العامة أينما ذهبوا ذهب ..
فليت الناس تفهم أن الناقد "السوي" أو "الصادق" أو "الغيور" هو مُحبٌ لهم ولمجتمعهم, وليس ذلك المنافق الذي يدعي دائما بأن مجتمعه أفضل مجتمع ..!

أما ما تضمنه المقال فذلك واقع, نعيشه كل يوم ونتعايش معه ..
فغالب الناس قدموا انتماءهم للعرق على انتمائهم للدين, فإن كان الشرع يوافق العادة القبلية أخذوه, وإن عارض رفضوه ..!
فأصبح المعيار عندهم هو عاداتهم وأعرافهم ..!
أليس هذا حكم الجاهلية ..؟!
أتى الإسلام وحارب الجهل بشتى أنواعه, وهذب الناس وصحح اعتقاداتهم وأفكارهم, ويأبى العرب إلا أن يكملوا مسيرة جهلهم ..!

وهناك أناس كثيرون يعيشون بينهم وهم غير راضين عن هذه المخالفات الفكرية, ولكنهم لا يستطيعون الاعتراض عليهم؛ لخوفهم من خسارة مجتمعهم الخاص .. وأقصد قبيلتهم, كما ذكر الكاتب مشكورا ..
وذلك خطأ فادح, فسكوتهم هو إقرار بصحة ما فعلوه, ومساعدتهم على الاستمرار في الخطأ ..!

لا أريد أن أطيل ولكن حقا الأيام تتداول والأخطاء تتكرر ..
وكلما ابتعدنا عن تطبيق تعاليم ديننا انجرفنا وراء جهلنا ..

لك كل الشكر أخي سعود القويعي على ما كتبت هنا ..

 

[سهيل عيساوي]

فعلا هنالك عادات دخيلة على الاسلام ، مصدرها الجهل والجاهلية ، ولا نجد من يضع لها الحد او القبر فتستفحل ويصعب ردها ، وهذه العادات تختلف من مكان الى اخر ومن قرية او مدينة الى اخرى او دولة الى اخرى ولكنها موجودة والدين لا يمت لها بصلة .

 

[صالح الشملاني]

هناك بعض الصفات الأصيله التي تغلفنا كعرب فقد شهد لنا التاريخ بالوفاء والكرم واغاثة الملهوف ... ولكن لكل زمن ظروفه بحسب تغير الأوضاع وتلونها ....
فما كان معقولا ومقبولا في زمن فإنه لايتماشى وزمن آخر !

 

[نادية المرزوقي]

اللهم اصلح العباد و البلاد

أذن الناس لا تسمع و ان سمعت لا تعي و ان وعت فضلت المصلحة و راحة الراس و البال الذي يعني موت القلب عن الشعور الا بنفسه و مصالحه الآنية ،،


الله هو السميع العليم و دعائي شفائي من نفسي و أسقام الناس حولي ،،


الأكثرية حين تغلب بالضلال والفسق و التعدي على الحدود لن تنفعها الا التدخلات الالهية بالكوارث والزلازل و الثورات ، و هذا ما تشهده الأمة العربية الآن و ترجف له قلوب بعض المسؤولين ليسارعوا بالحلول قبل الفتك بهم من الله و الناس و هم (الصح)، و البقية بطشوا بشعوبهم و تجبروا على الله و الخلق ،،



حين ترى القلة التي على صواب هم الأضعف حالا و امكانيات، حقا ، آذان السماء تفتح لهم و تستجيب و تفتك بضعف نفوسنا

كداعين حتى ،،كي نتقوى على أنفسنا أولا و أخيرا ،،فنولد احرارا ثم نحرر الآخرين أو نتسبب في زوالهم إلى الأبد بطريقة أو بأخرى من حيث ندري أو لا ندري ..


في ميزان حسناتك

حتما مقالة تستحق الاشادة، من صحوة قلب مسلم يحب وطنه الأم و يمتد بخيره الى باقي الأوطان
و فعال جدا في تناول القضايا جديدها و تجديد قدمها المترسخ الذي يعكر على حاضرها ليبقي لها قشور التقدم و خواء العقل و الفكر ،،الذي كما تفضلت يحسدنا عليه الناس كثيرا لانهم خواء و رهن القشور و المظاهر دوما ..


بوركت و بارك الله مدادكــ

حفظك الله و رعاك

خالص التقدير