الشعر الفصيح

[عبدالناصر الأسلمي]

أذكريني كلمـا جـاء الشتـاء
واذكرينـي كلمـا زاد المـطـر

واذكريني كلمـا غنـى المسـاء
واذكريني كلما طـاب السمـر

واذكريني عندما يزهـو الغنـاء
واذكريني عندما يشدو السحـر

واذكريني حينمـا يهفـو الغنـاء
واذكريني حين يخضـر الشجـر

*********

واذكريني كلمـا نـاح الحمـام
في الصباح البكر في الأفق الرحيب

واذكريني عندمـا يحلـو الهيـام
في مدى عينيك في الدمع الصبيب

واذكريني كلمـا شـب الغـرام
والهوى يابسمة النائـي الغريـب

واذكرينـي كلمـا ليـل أقـام
قبة العشاق في الأنس العجيـب

 

[عبدالناصر الأسلمي]

إذا سَجَعَتْ بِيْن الغُصُونِ الحَمَائِمُ
تَرنَّمَ قلبي مِثْلَها وهو هائِمُ
بِمَنْ تَسْتَبِيحُ البَدْرَ طَلْعَة ُحُسْنِها
مُوَرَّدَةُ الخَدّيْنِ والجَفْنُ فَاحِمُ
لها نَظْرَةٌ تِسْبِي العُقُولَ وَمَنْطِقٌ
رَخِيمُ الحَوَاشي قاتِلٌ ومُسَالِمُ
لها وَجْنَةٌ كَالوَرْدِ رَائِعَةُ الشَّذى
ومِنْهَا الشَّذى والوَرْدُ حَيْران نَاقِمُ
إذا ابْتَسَمَتْ قَلْتَ السَماء توشَّحَتْ
مِنَ البَرْقِ ثَوْباً لَطّفَتْهُ النَسَائِمُ
تَرُوُقُ إلى الأسْمَاعِ نَبْرَةُ بَوْحِها
وفي صَوْتِها عَزْفُ الرِّضى يَتَنَاغَمُ
تَضُوعُ مِنَ الأرْدان رَوْعَةُ عِطْرِها
وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَرَّتْ...هُوَ العِطْرُ حَائِمُ
لها من فُؤَادي لَهْفَةٌ أَسْلَمِيةٌ
تُحَاوِلُ حُبّاً والهوى يتَجَاسَمُ
مُلائِمَتي في البَوْحِ والشِعْرِ والهَوَى
وَقَلْبِي لِهَا دُونَ الجَمِيعِ مُلائِمُ
إذا اتَّشَحَتْ بِالشِعْرِ فَهْيَ حَكِيَمةٌ
وإن لَفَّها غُنْجٌ ... فَأينَ النَواعِمُ
كَأَنَّ مَدَارَ العِشْقِ فَوْقَ رِضَابِها
وفي شَفَتَيْها بَهْجَةٌ وَكَرَائِمُ
بِهِاءً وإجْلالاً وحُبَّاً وبَهْجَةً
وِعِشْقًا لها ...شِعْري بها الدَّهْرَ بَاسِمُ
نَثَرْتُ لها دُرَّ المَشَاعِرِ راضياً
عَلى أنَّ قَلبِي فِي المَحبَّةِ غَانِمُ

 

[عبدالناصر الأسلمي]

أشعلت حبها بقلب فتاها

فَعَناهُ من الهوى ما عناها

وسقته من المحبة كأسا

مثلت في معينها مرآها

أسكرت قلبه بنبرة عشق

فدماء الفؤاد أضحت دماها

انت من انت وردة في مروج

تسحر القلب لو يضم شذاها

خبريني هل انت سحر لطيف

يجعل الروح تستلذ أذاها

ياحياتي إذا منحت حياتي

فرصة للقاء فهو مناها

تفرح الروح يوم تضحي فتاتي

جوهر النفس والعيون حماها

خافقي مدنف وانت دواه

يافتاة أضحى عذابي دواها

 

[عبدالناصر الأسلمي]

بِالهَمْسِ..." مِنْ لَثْغَتِها تَحْتَمي"
أسْكَرَني حُبُّكَ ياأَسْلَمِيّ
أهْواك أهْواك حُدُودَ النَّدى
مِنْ أخْمَصِ الرّجْلِ إلى الأفْحَمِ
فدَعْ لِيَ اللَّيْلَةَ.. ياآسري
إِطَالَةَ السَّهْرَةِ لا تَخْــــتِمِ
فَقُلْتُ لَبَّيْكِ وإني هُنا
أطْوَعُ منْ جُرْحِكِ لِلْبَلْسَمِ
تَقُولُ لِي...غَنِّ...وَفُضَّ الهَوى
بِرَوْعَةِ النَّشْوَةِ... يامُــــلْــهِــمي
فَقُمْتُ كالسَّكْرانِ ...مِنْ خَمْرِها
أسْبَحُ في شلاّلَها المُفْـعَمِ
نَسْتَنْشِقُ الأنْفَاسَ مِن بَهْجَةٍ
"مُغْرَمَةٌ تَشْـــرَبُ مِن مُغْرَمِ"
نَعْزِفُ ألْحانِ الرِّضى سَاعَةً
ونَرْسُمُ الرَّقْصَ عَلى المَبْسَـمِ
أجُولُ مِن نِحْــرٍ الى وَجْنَةٍ
كَهاطِلٍ بَيْنَ بُرُوقٍ هَمِيّ
وَمِن جُنُونِ الرّشْفِ أضْحَى الغِنا
يُورِقُ كالعُنَّابِ حَـــــــوْلِ الفَمِ
أنَّــتْ وقالت لا تَدَعْ خافِقي
يُبْحِرُ مِن غَيْرِكَ في المُــبْهَمِ
ذُبْتُ فَدَعْني أسْتَعيد الْهَنا
أَشْفِقْ على قَلبيَ لاتُـــعْـــدِمِ
أجَبْتُها بِالضَّمِ في لِحْظَةٍ
ناءَتْ بِها دُنْياي عَنْ لُوّمِي
فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَهَا بـَـضَّــةً
وَلَمْ أَذُقْ أُنْثَى أوْ أَشْـمُــمِ
وقَدْ سَرَتْ كَفّيَ فِي غَفْوَةٍ
تَبْحَثُ عَنْ مَعْنَى الجَوَى في الدَّمِ
وسَافَرَتْ عَيَناي في جسْمِهَا
"تَقْرَؤُهُ الرُّوحُ بِلا مُـــعْــجَـــمِ"
عِنْدَ حُدُودِ العِـــشْقِ في واحَةٍ
عِنْدَ الجَنَى في رَوْضِها الأَعْظَمِ
تَقُولُ وَالبَوْحُ بِــــــهِ غَـــــفْوَةٌ
إِعْتِقْ وُرُودَ الحُبِّ مِن مِحْزَمي
فَلَمْ أَدَعْ لِلْعَيْنِ مِن مَرْفأٍ
إلا وَحَطَّتْ فِيهِ..."لاتَرْتَمي"
وَهَاَلني كَوْمَةُ دُرٍّ غَدَتْ
تَبْسِمُ كالبَدْرِ عَلى النُّوّمِ
مِن كَرَزِ الحُبِّ جَـنَيْتُ الرِّضَى
مِثْلَ فَصِيحٍ فِي هَوى أَعْجَمي
وَغَابَ عَنَّا الكَوْنُ فِي وَمْضَةٍ
يحْسِبُها العُمْرُ بِلا قَيِّمِ
وَقُمْتُ أَسْتَنْطِقُهَا لَيْلَتِي
بِحِيلَةِ الصَّالِحِ والمُجْــرِمِ
تَنْفُضُنا لَيْلَتُنا لَذَّةً
صِرْنا بِهَا النَّجْمَ عِلى الأَنْجُمِ
وَتَمْتَمَتْ راعِشَةً هَمْسُها
يَعْلمُها الحُبُّ وَلَمْ نَعْــــــلَمِ
فِيك فِدَاكَ الرُّوحُ ذُقْتُ المُنى
خُذْنِي فِداكَ العُمْرُ يا أَسْلَمِيّ

 

[عبدالناصر الأسلمي]

هل رأيتم من قبل مثل غرامي
عاشقا يكتفي بردّ السلام
هندسَ الحب في مدائن وجد
فهوى الشاهقات مثل الغمام
مغرما لا يريد أي غرام
غير بنت توهجت كالهيام
شركتني بالحب وهي طروب
نحو حبي من قبل شهر وعامِ

 

[عبدالناصر الأسلمي]

يقولون أبها عروس الجنوب

أعارض فهي عروس القلوب

جمال بأبها جمال فريد

وليس يوفيه وصف الشعوب

تبارك مبدع ذاك الجمال

على العين والقلب دوما عجيب

بأبها جمال كمثل الخيال

يحول قلب المعنّى طروب

فما إن رايت بهي التلال

حتى غدى كل فكري سليب

إذا الغيم عانق جيد الجبال

تمثّل شوقا عناق الغريب

وتضفي عليها وريف الظلال

وشمس الأصيل انزوت للغروب

بلابلها تستبيح الغناء

على الغصن تنشد شعر النسيب

يجيش فؤادي لذاك الصدى

وعما يجول بقلبي ينوب

كأن البلابل قد أعلمت

بأن فؤادي كثير الندوب

فراحت تغني بصوت ندي

وتسمعني لحنها من قريب

فيا لجمال بأبها غدى

عزيز المثال كحسن العروب

 

[عبدالناصر الأسلمي]

ابحرت في عينيك راغب

حتى ارى ضوء الكواكب

ابحرت في عين المها

الريم والحسن المواكب

يا للعيون أما لها

عطف على قلب مصاحب

هذي العيون بسحرها

تبدي عليّ هوى يجاذب

أنت البهاء وانت من

سحر الفؤاد ولم يجانب

فلقد غرست بخافقي

سيف الهوى دون المحارب

أو ما لعينك رحمة

فالقلب مضطرب الجوانب

عطرا لقلبك نبضه

والعطر بالكفين واجب

رضوان عينك شاءني

ضيفا له والقلب راغب

ريم وانت الريم كم

لك قد خفقت ولم اكاذب

عسيلة العينين فاقت بالبها

كل العجائب

عسلية العينين قد

صورت حسنك في الغرائب

براقة عيناك والعينان

للإبراق حاجب

براقة عين المها

والريم تجفل من مراقب

يا ريم عيناك الهوى

ياوصلها يشفي المتاعب

من كفك الغض الندي

عزفت قافية الذوائب

اشفع لقلبي ايها

الريم البهي من المطالب

عيناك بحر مودتي

والقلب فيها عزف قارب

عسلية العينين قد

سقت الهدايا والضرائب

وأنخت عند عيونك الولهى

مدارات الغياهب

ما حسنك الغض البهي

من الفتيات الكواعب

إلا كتاج مليكة

والدر انت لهم ضارب

ولقد عزفت لك الرضى

شعرا تشيعه المواكب

 

[عبدالناصر الأسلمي]

لماذا الصمت معمورُ
أ في الإحساس تغييرُ
يناغيني توهجه
تحاكيني الأزاهير
تبلغني مودتها
ويرتع فيّ تعطير
شجون النفس متعبة
وعطر البوح مسحور
لك العتبى مناغيتي
لك الآهات تعبير
جنون النفس شاغبني
وبوحي فيه تقصير