شعــر متآكــل

[خالد الداودي]

ما اسهـل الشعر ..
ما اصعب الشعر ..

قالها كلاهما:-
كان الاول واثقا من تجربته مثل الموت
وكان الآخر واثقا من الحياة في تجربته

الشعر انفاس الشاعر يُكتب لأن يَعَيش ويَرَى في حين يكتبه الآخرين ليُرَى
يكتبه الشعراء (فقط) ليتحرّروا من القيود فهو ذو اجنحة تؤهل الشاعر الطيران الى فضاءات الجمال دون تأشيرة بعد ان يفتح حقيبة الذاكره لينثر اوراقها او يأخذ منها ما يشاء لتشكيل لوحة القراءة الاجمل مدفوعاً بهاجس الابداع. هذا الاخير الذي يعمل كمحرك دفعٍ للوصول الى ابعد نقطة يفترضها الخيال فيفتح للشاعر مدرات جديدة تتسع للحركة والحريّه.

وحيث ان الوصول الى ابعد نقطة يتطلب جهدا كبير كان لزاما على الشاعر ان يعيء لحظة البدء او تهيئة القصيدة ليعمل مستقبلا على تقليصها اخذا بالزمن المتسارع ومن ثَم التسارع الى الاعلى صعودا باريحية تامة ووفق آلية تجعل القاريء يعمل عكس تيار الشاعر فيتمهل القاريء صعوده تلذذا بالجمال الموزّع على الفاتنه "تماما كما يفعل مشاهد لوحة جميلة" او صورة خلابه0

في الشعر لا يوجد خط مستقيم. دائما ما يتطلع الشاعر الى ما هو افضل من نتاجه السابق خاصة بعد لحظة استدراك تلهمة قراءة نتاجه فكره كقاري محايد بل كقاريء يفوقه وعيًّ وإدراك..

من خلال متابعتي وجدت ان بعض الشعراء يسيرون على ذلك الخط المستقيم الذي اشرت اليه منذ سنوات طوال.
يسلكون هذا الخط ليس في كتابتهم للقصائد على مر السنين فحسب بل حتى في إطار القصيدة ذاتها فهم بذلك دون اهتمام ورغبه يقتلون الدهشة ويعلنون انهم خارج الحسبه او قادمين للوفاه .. لنقل وفاة نصوصهم ابقاهم الله ..

هذا النمط من التوجه احرى ان يطلق عليه (شعر متآكل) ذلك انه من جانب ياكل بعضه بعضا بإستخدام نفس الافكار مع قناعة تامة لدى الشاعر انه اعطى ما وجب واكثر ومن جانب آخر لأنه آيل للنسيان بحكم تآكله ولا يمكن اعادة هيكلته الا بتغذية جذوره لا اقول بإستخدام برت بلس وانما بالقراءة والاطلاع على النماذج.

هذه دعوة وتحريض لإختراق فضاءاتٍ اكثر رحابة إذا ما اردنا ان نكون الطرف الآخر المشار اليه في إطلالة الحديث.



خ