لا اريد الظهور بصورة نصير المراة , ولكن شدني الحوار المركز بين مي و خالد وفي الحقيقة هناك نقاط يمر كل منهما عليها وربما يتعمدان عدم الخوض فيها
لكونها لاتصيب صميم الموضوع وتؤدي الى تشعبه بلا فائدة , او ربما لانها قد تؤدي الى الالقاء باللائمة كلها على جهة او مصدر معين دون توزيع للمسؤوليات .
اوافق الاخ خالد بان الدين لاعلاقة له بالموضوع وهو برئ براءة الذئب
كما اوافقه بان المسالة فطرية ( فحتى غير المسلمين و حتى الحيوانات تغار على
اعراضها وتقاتل في سبيل ذلك ) , ان تقاتل فهذا يمكن ملاحظته اما انها تغار فهذا مما لم يقف عليه دليل علمي بمعنى اننا نتعامل مع الحيوانات وتصرفاتها بنفس
طرق تحليلنا الفرويدية واليونغية للنفس البشريه وهذا يمكن ان يكون صحيحا لكنه غير صحيح حتى الان بمعنى انه يحتاج الى اثبات علمي يسبقه تحديد لكلمة
غيرة بالنسبه للكائنات الادنى في سلم التطور العقلي اي التي تتعامل بالغريزة او الفطرة كما يسميها البعض , ولان الغرب عموما لم يهتم يوما بهذا الموضوع كما
ان بحوثنا العلمية في مجتمعنا العربي لم تجرؤ يوما على اقتحام هكذا باب لذا فان الامر لا يتعدى المشاهدة والوصف , لذلك فان التصرفات التي قد يبديها حيوان ما
تجاه من يريد سلبه انثاه لاتتعدى ربما دفاعه عن مكتسباته فالانثى والعرين والاطفال والطعام والمنطقه كلها هي ملك لهذا الذكر المسيطر فسلجيا بفعل عضلاته
كما ان عقله لم يصل الى درجة النمو والاستيعاب لاعتقاد ان الذكر المتعدي على املاكه يريد هتك عرضه المتمثل فقط بانثاه , وهناك كائنات حيه تمثل الانثى فيها
القوة المسيطرة وهي من تدافع عن الذكر لانه من املاكها كالنحل وبعض انواع النمل والاناكوندا وبعض الطيور , وحتى في التجمعات الحيوانية (القطعان) التي
يسهل لنا مراقبتها كالماعز مثلا يكون الذكر المسيطر هو الاب المفترض لجميع من سيولدون خلال عام وبعد ان يخسر معركته مع ذكر اقوى يعود الى صفوف
القطيع كماعز عادي تحقيقا للانتخاب الطبيعي وامتثالا لاوامر الطبيعة في قوانين البقاء للاصلح .
لذا انا لا اوافق الاخ صالح في وجود شئ يمكن ان نسميه غيرة لدى كائنات عديمة العقل (كما نعرفه كعقل) اي ان ادمغتها مخصصه للقيام بفعاليات معينه وليس
لايجاد قيم تعتبر من رفاهيات العقل الجديد كالغيرة والشجاعة والكرم فالشجاعة ليست موجودة لديها لان الاسد والنمر قويان ولكن ليسا شجاعان كما ان الحمل قد
يكون ضعيف البنيه ولكن ليس جبانا , لانهم يعملون بالممكن فقط ولو توفر للحمل ناب وعظل ومخالب لافترس الاسد وهذا شئ طبيعي لان القوي يغلب الضعيف
وليس الشجاع يغلب الجبان اي انها مساله ميكانيكية رياضيه لا علاقة لها بشجاعة الاسد وجبن الحمل او الشاة وبالتاكيد ان التراكم الجمعي لشعور الاسد بالقوة
جعله يرث صفة نسميها الشجاعة ونقارنها باقدام الشجعان في رواياتنا المخملية وهي ليست سوى زهو او شعور بالقوة والسيطرة .
وقد حذر الكثير من رجال الدين المتنورين من استعمال بعض الدعاة للعصبية الجاهلية في الدعوة لقيم سامية كالتشبه بمحاسن المشركين والحيوانات لتحفيز
عصبيات معينه او بقايا فطرة حيوانية ما زلنا نحمل بقاياها من ايام النياندرتال وانسان جاوى , فالاديان والفلسفات جائت اصلا لتخليصنا من بدائيتنا المفرطة
القائمة على ردود الافعال دون تفكير عقلي واضح .
وحتى امتداح كلمة فطرة اجده شيئا مبالغا فيه فالانسان القديم(البريميتف) كان عاريا جسديا و فكريا و بلا قيم معينه لانه لم يتعلم التفكير بعد الا في الامور
الملحة للبقاء حيا والفطرة كانت اقرب لاعتباره حيوانا وكلما تخلص من فطرته البايلوجية كلما اصبح انسانا اكثر , والمجتمعات البدائية ( الفطرية ) كانت تعيش
حياة مشاعية في كل شئ الطعام والزواج والحرب ولازالت بعض بقاياها في بعض مجاهل افريقيا وبولينيزيا حيث الطفل لا اب له لانه ابن القرية وارتباطه بامه
فقط بينما يتكفل ذكور القرية باطعام الجميع .
اعتقد جازما ان الجريمة اي جريمة يرتكبها المجتمع ككتلة موحدة وجرائم الشرف تكاد تكون مثالا واضحا على حالة من حالات النكوص التي تمر بها المجتمعات
بسبب ظروف تاريخية تفقد الدولة فيها قدرتها على فرض قانون موحد او تستكين لرغبات الرعية في العيش بقوانينهم الخاصة مقابل ولائهم للدولة واستماتتهم
في الذود عن قيمها , وما يحصل في بلداننا وخصوصا في الالفية الجديدة هو نوع من النكوص في الفكر بحيث ان المجتمع اخذ يشجع على الدعوة للقتل لاي سبب
كان بحيث اصبحنا نرى واقع مجتمعاتنا في النصف الاول من القرن الماضي افضل من واقعنا اليوم , وليس رجال الدين فقط من يقع عليهم اللوم اما بالتحريض
او الصمت ولكن كل الفئات القيادية الاخرى السياسية والادبية والاجتماعية .
ان تهمة الدياثة (فقط) هي مايمنع المثقف العربي من ابداء رايه كاملا في هكذا قضايا ولهم الحق في ذلك , وربما كان ابطال الكيبورد اشجع من بعض الكتاب
في مناقشتها رغم عدم اهليتهم للخوض علميا واجتماعيا وبالتاكيد فقهيا في هكذا مسائل , الا ان الطبيعة تكره الفراغ لذلك لابد من سد هذا الفراغ وربما باراء لا
تقترب من الواقع ولكنها تثري النقاش وتوجهه باتجاهات متعددة .
شكرا يا مي ويا خالد