لشريك حلم ومنفى :-
حينما تبصقنا المنافي ,لا جدوى من الحلم إذاً...!
أحلامنا الغريبة , ورغبتنا في اجتراعِ الغربة كأساً من الموت اللذيذ ,شيء فُرض بجانبه قدر يحرك طائراتنا الورقية عكس نفخ الريح...
لاضيرمن البقاءِ في نطاق الحدودِ الوهمية , نهز بالرفض ذاته القضبان الهوائية , نشوه جدرانهم بإصرار مشترك , ننام عند أبوابهم على أملِ أن نحظى بمفتاحٍ منسي على الرفِّ القريب لغفلتهم , نتوسل الهرب لحظة , ونتسول منفذاً لم تنتبه له حتى قطط الأزقة العتيمة...
ياصديقي....
حقيبتي مليئة بأحلامٍ دافئة , تنتظرُ اللحظة التي أرتديها في طقسٍ ببرودة مزاجيّة . أمي لم تستغربْ بقائها قربَ الباب الرئيس , هي التي تعلم أكثر مني بأني مكتظةً بإصرارٍ أعظم من حُرقة اللهفة للغربةِ ذاتها .
أمي التي يأستْ من موارةِ حزنها , تجلسني وجها لوجه مع يأسها بشهادة عصير بارد , تعدد عليّ آلامها المقبلة في غيابي ,تحكي لي حكاية , أدركُ جيداً أنهانسختها من جدتي ولصقتها حرفاً بحرف في أذني .
أمي لن تملْ الكلام عن أحفادِها المنتظرين , تغريني بانحيازيتي للفتياتِ كل حين .وهي تدرك انحيازي السري لهنّ أكثر من الذكور , تذكرني بملابسهنّ الوردية ,بعطورهنّ الصغيرة , وجواربهنّ التي تأخذني للدهشة كلما أمعنتُ في أقدامهن دقيقةَ الخلقة.
تحكي لي مطولاً وأنا أتململ ,عن يوم عُرسٍ أسطوري , وزوجٍ " كلوني " الجاذبية , بصدرٍ مطاط يستوعب دلالي المفرط ,تحكي لي عن بيتٍ من سكر , وحياةٍ تحت عريشة عنب, بقربِ نبعٍ ينبجسُ من بين ضلعين يساريين .
أمي ياصديقي ,تستخدم أمومتها للعبثِ بأفكاري , تمدُ توسلاتها لأعْثرَ في قربها , تترصد ظلي حتى لا يهرب من الأبواب الخلفية ,وتفاجئني ليلاً بوقوفها على رأس سريري , تتأملني ,و غدي في قسماتي...
لكني...رغم كل ذلك,
مازلتُ أنتظر من المطاراتِ تحية , ومن الطائراتِ ترحيباً حاراً ,بهاربةٍ أنيقة الحزن ,غامضة الأمنيات بالنسبة للجميع..
يوماً ما , سأترك نفسي على سريري , أقرأ ديواناً لدرويش , وروايةً لماركيز , أبدلُ المجلات , أنام على سورةِ الإخلاص , وأستفيق على صوتِ أمي , و "زعيق " السيشوار , وصقيع غطاءٍ من اللاشيء ,بينما أنا في منفى خطبته بعكس ماتفعل المنافي..
يوماً ما ,سأفتح جهازي المحمول , أنقبُ في انكسارت أختي الصغيرة, بحثاً عني , فأجدني بين عينيها , مرهقة كما لم يسبق لي الإرهاق قبلاً , أحدُّ أظافري لأتمسك بغدي أكثر ,حتى لا تهزمني توسلاتها بالمجئ في أقرب فرصةٍ من الضعف ..
يوماً ما , ستنفذ جيوبي من الصبر , فأركض لائذةً لصوتِ أمي , أفتح " نقالي" بعجلة العاطش لكوبٍ تتسرب منه الحياة , أبكي مطولاً بين نبرة ونبرة ,وخبر وآخر , أتوسلها أن تُسمعني آذان المسجد المجاورالذي أدمنت , فتذكرني بكلمتي الأولى , و عنادي الأوّلي ..
يغلق ظلم "بطائق الشحن" الطريق في وجه امتدادي , وأكمل على أريكةٍ جانبية انحداري , يومها فقط, ستكون الأمكنة صقيع تشكّل على هيئةِ صدرٍ وذراعين ,ليستْ للضمِ أبداً , إنما لرمي مخلفات القراراتِ المُتعجلة...فأكبر...أكبر وحدي...
وأنتَ قربي, ببُعد رسالةٍ وحرف...
( وبهذا الصوت سأستعيد وطني ...فقط بهذا الصوت )