يا عمر الازاهير الصغيرة التي تنمو بعد المطر .. كم أنتِ جميلة وبعيدة عن ضوضاء البشر .. هي محطة للنفس الهادئة بسحر جمالها وحسن اخلاق أهلها .. في كل نسمة صباح يذهب أهلها الى الصلاة ويعودون الى بيوتهم حاملين معهم الخبز تنبعث منه رائحة المطر .. يلفون خبزهم برداء منسوج من خيوط رفيعة .. كي لا تنبعث منه رائحة المطر ..
قريتي واحة غنّـاء تشتجر أماليدها الغضة وتتعانق عناق الاحبة .. أفياء ظليلة يرنو لها قلب الرائي ويسرح نظره اليها .. لا زخرفة في قريتي إنما هي مروج معشوشبة في بركةٍ .. يصفى الطلّ فيها كأنه ماء الوضوء ..
في قريتي البرد قارص وقارس لا تجد جدتي غير جدي الذي شقق وجهه البرد .. وتلف جدتي " ملفع " يقيها برد الجو وصوت زنين " الدفاية " يعج بالمكان وجه جدتي كأنه وجه عابدة متهجدة فرغت للتو من صلاة الفجر .. مع ذلك يستــتــفيق جدي من فراشه يقرأ القران وكم مرة تسمع جدتي صوته يبكي ويتهجد في الليالي الشتوية الباردة ..
حينها لا تسمع الا طقطقة ممزوجة بقرقعة المطر على طبول التنك المصفوف على أسطح وجدر البيت ..
هكذا هي قريتي ..
زرتها ..
لم أكن بحقٍ زائراً جدي ولا جدتي ؟!
كنت أبحث عنها ..
أبحث عن عينيها ..
أبحث عن دفء قلبها ..
وطهارة روحها ..
هي أيضاً كانت تعيش البرد ..
أراد حبي لها أن يكون " مدفأة "
لكن وجدت عليها شالاً من الصوف الاخضر يلفها ..
رأيتها ترتجف ..
سألت نفسي ..
أترتجف من البرد أم من أنفاسي التي لفتها كما لفّ ثغرها شالها الاخضر
سمع قلبي قولها ..
لكن لم يفصح لساني عنها ..
قررت سريعاً ترك قريتي
ودمعت عيني
وسال دمعي على وجنتي وسقت دموعي أرضها ..
أتمنى أن تنال اعجابكم ان شاء الله ..