5- معلمة!
قررت أن أدرس اللغة العربية في كلية في دبي .. بعد أن أنهيت السنة الثانية من التخصص تم الاعتراف بها على مستوى الدولة كنت أشعر بالسعادة معهما ... و كانت طلباتهما بسيطة و الخادمات يقمن بمعظم مطالبهما لكني كنت أراقبهن فلا ثقة بيني و بينهن و كان أبي يحب ما أعده له من طعام رغم بساطته .. كذلك أمي تعشق الكعك الذي أعد و مرت أربع سنوات كلمح البصر و في سنة التخرج أبدعت في مساق التربية و قمت بإعداد حصة و درست طالبات بالصف الثالث الثانوي و ما إن انتهيت من الحصة إﻻ و قد تشبثن بي الفتيات برجاء لم أكن أتوقعه .. مس درسينا أنت مميزة .. ضحكت و أنا أنظر للدكتور الذي كان شاهدا على كل شيء ثم في الاجتماع قال لي .. أنت نادرة جداً .. لقد خلقك الله لتكوني معلمة !
و كان هذا أجمل إطراء سمعته على اﻹطلاق .. و أكمل و هو يهز رأسه : هادئة .. واثقة .. نبرات صوتك واضحة .. تجعلين الحصة حية .. و تشعلين من حولك .. من النادر أن أرى متدربة بهذا المستوى .. بوركت يا ابنتي!
تخرجت بمعدل جيد جدا .. و توظفت في مدرسة قريبة من منزل والدي و أعتقد أن هذا التوفيق في حياتي من دعاءهما لي فلله الحمد و المنة و الفضل و الثناء الحسن .. بعد ذلك بسنتين لاحظت على أمي أنها ليست على طبيعتها ..
غاضبة طوال الوقت .. و قد ضاعت معظم مفاتيح الغرف و بات بيتنا بلا مفاتيح .. نقلت خوفي إلى إخوتي و أخواتي .. و لم أفكر للحظة أن أمي تعاني من خطب .. خاصة و أنها بدأت تهدأ في اﻵونة اﻷخيرة .. لكن القدر سيف قد مضى حكمه .. و قد أصيبت أمي بمرض لم نتخيله يوماً !