
فنان
دخل محرفه المنعزل عن العالم ونظر نظرة خاطفة؛ إلى علب الألوان المتناثرة في أرجاء المكان كأنها ضربات إيحائية من ريشته.
إلى اللوحات غير المكتملة. فاللوحة لا تكتمل أبداً، بل تسير دوماً نحو اللاكمال؛ إلى القماش الملطخ بالطلاء؛ إلى الفراشي ذات الأحجام الكبيرة، إذ لا يطيق الفراشي الدقيقة التي تصبو نحو الكمال.
لا يرى نفسه كفنان، وإن كانت بديهته لا تخذله في إعادة صياغة أو تفسير الكون. إنما يرى نفسه تعبيراً تجريدياً عن حالة. فهو ولوحته جزء من تكوين واحد.
عاد ونظر مرة أخرى إلى علب الألوان الزيتية و إلى القماشة الكبيرة التي جهزها للرسم منذ فترة طويلة ولكنه كان في مزاج معتدل أكثر من اللزوم ليرسم، ليخلق.
وفي هذه المرة، لم يلق بالاً للفراشي التي تنتظر بشغف لتتمرغ في فوضى من الألوان، بل غمس كفيه في اللونين الأحمر والأسود وراح يلطخ اللوحة بهما. وأخذ يكرر ذلك.
لم يلجأ إلى أي من الألوان الأخرى. فالأحمر والأسود كانا يمثلان له حالة الوجود في تلك اللحظة.
وعندما انتهى ترك اللوحة وذهب غير آبه، غير مفتخر، بإنجازه العظيم.
الخميس 6 سبتمبر 2012