*
لنبدأ من حيث انتهيت،
أجد صعوبة استمرار اللغة العربية في أوروبا، يكفي أن باليرمو كان يسميها العرب " بِلْرَم ".. نطق الاسم صعب علينا نحن فما بالك بالصقليين!؟ الجدير بالذكر أن الفتوحات الإسلامية آنذاك لم تكن بدوافع تبشيرية وتوسعية جشعة، ولم يأخذ المسلمون من تلك الأماكن بقدر ما أعطوها. ولكن التباين الكبير في قوى الدولة الإسلامية أثّر على شخصية الإنسان العربي مما أثّر على لغته. إنها الشخصية يا عبدالعزيز، ليس شرطاً أن تكون مبدعاً لتملك تلك الشخصية المؤثرة، ولكن عليك أن تؤمن بالفن والأدب، بالإبداع، بالعلم، بعظمة ما تقدمه، بأنك التاريخ والمستقبل لا ينتظر سواك. كيف لا يتأثر حتى علماء الأزهر بالسوربون؟ هل امتلك العرب ذلك التأثير المتواصل والمستمر على الآخرين؟ هذه الجامعة موجودة منذ أكثر من سبعمائة وخمسين عاماً وهي تضخّ الفرنسية في أكثر العقول إبداعاً ثم تطلق أجنحتهم ليحلقوا بعيداً عنها وينشروا رسالتها. الفرنسيون لم يقبلوا بتأثر أولادهم بالإعلام الأمريكي الباذخ وهولييود العظيمة التي حفّزت اللغة الإنجليزية وأعادت بعثها للعالم، بل لم يقبلوا باسماء المحلات أن تكتب بتلك اللغة، اعتبروا أنفسهم في أزمة حقيقية، أزمة هوية وخيانة للتاريخ.. على النقيض تماماً تعلن دبي (طواعيةً) عن اللغة الإنجليزية كلغة رسمية أولى للإمارة! هنا فرَقَت الشخصية