الأخوة الأعداء
نيكوس كازنتزاكي
نبدأ القتال ونحن نفكر في أننا لا نكره أحداً ، وأننا قادرون على كبح جماح أنفسنا والتمسك بإنسانيتنا حتى خلال المعركة .
ولكن لا نكاد ندرك أن المسألة أصبحت دفاعاً عن الحياة ، حتى نشعر بوحش أسود كثيف الشعر من أجدادنا الغابرين ، ينتفض في أعماق نفوسنا .
وسرعان ما نفقد وجهنا الإنساني ونحمل بدلاً منه قناع غوريلا. ويتحول رأس الإنسان إلى كرة من الدم مختلطة بالشعر . ونأخذ في الصياح:
" إلى الأمام جميعاً .. سنغلبهم ..!! " لكن هذه الصيحات ليست صيحاتنا ، رغم أنها تخرج من أفواهنا . إنها ليست صيحات بشر . حتى الكائن الشبيه بالقرد يفرّ مذعورا إذا سمع صياح هذا الجد الغابر جداً :
الغوريلا .
،،
إن أقل الأشياء تكفي لتبعث الفرح في نفس الإنسان .
،،
مهما كان الثعلب ماكراً يا عزيزي ابراهام ، فهو يكشف عن نفسه بأرجله الأربع .
،،
لماذا نقتل بعضنا بعضا يا أولاد ؟ ألسنا أخوة ؟ وإذا نزعنا البيريهات الحمراء والسوداء ألا تصبح رؤوسنا جميعاً يونانية ؟ إذا كفى مذابح ."
،،
لتعلم أنني لا أومن مطلقا بقدرة الإنسان ، ولا أصدق الأفكار الكبيرة التي تعذب المراهقين ، فهي مجرد فورة طارئة .
أنا لا أصدقها لأن عندي منها الكثير . والخطباء الذين يكلمونكم عن الحب ، والساسة الذين يخرقون آذانكم بالحديث عن الوطن والشرف والعدالة ، كلهم يثيرون الغثيان . وهم يمتهنون أي شيء يقتربون منه .
كل الناس يعرفون ذلك ، وهم يعرفونه قبل غيرهم ،
ولكن أحداً لا يجرؤ على أن يبصق في وجوههم "،،
كم كان خيراً لي وأسهل أن أكون أعمى العينين أنا أيضاً !
إذن لالتحقت بالجيش سواء في اليمين أو اليسار، ولأخذت مكاني بجانب آلاف العمي الآخرين المقتنعين تماماً بأن الله معهم والشيطان ضدهم !! وإذن لكنت أمجد قتل أبناء وطني وأقول : [ الحمد لله يا رب ، ها هو بلشفي يذهب ! ] .
،،
-أيتها اليونان الشقية ! لست سوى مجد وجوع . لست سوى روح وقدماك في رأسك .
لكن يجب ألاّ تموتي يا أمنا . فلن نتركك .
،،
(( كم هي حرفة كريهة !! كم هي كريهة حرفة الحرب !! ))
،،
[ إني لم أشعر بالخوف من الحياة ، فكيف تتوقعون أن أخاف من الموت ؟
مجنونة هذه الرواية