بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت / بشاير العبدالله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فالحمد لله الذي لا يحكم بغير عدل ، ولا يقضي بغير حكمة .
والصلاة والسلام على سيّد الخلق الذي أخبر عنه ربّه فقال : { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى } سورة النجم ، أما بعد ..
فإن الخوض في مثل هذا الموضوع لا يكون إلا في ثلاث :
إما الوعظ والتذكير ، أو الاستزادة وطلب العلم ، أو الجدل والاعتراض .
أما الوعظ فلا سبيل له في موضوعك ، وأما الاستزادة وطلب العلم فما هذا أدبهما ولا هذه سمتهما ، وأما الجدل والاعتراض فتهمتك الظاهرة قرائنها عافاك الله وعفى عنك .
حقيقة أن النساء أكثر أهل النار لا تستدعي الرأي منكِ او مني والواجب في نقل أخبار الآخرة وما بعد الموت الاقتصار على ما أخبر به الله تعالى في محكم تنزيله أو أوحى به لنبيّه .
أما أسبابها وحكمتها فما نتأولها ولا يُفتى بها بغير علم ، والصلاح لا علاقة له بالنسب الكميّة والحساب ولو كان كذلك لافترضنا - جدلاً - أن نسبة أهل النار من دولةٍ كمصر مثلاً تفوق نسبتهم من دولةٍ كالبحرين قياساً بالتعداد والكثرة !!
وما هذا والله بالقول الحق إن هو علم غيبٍ عند العليم الحكيم .
فلا يزيّن لك هواكِ بعض قولك واتقي الله .
أما تزييفك وتعريضك المذموم لإحكام الإسلام بقولك : ( حتى بخة العطر زنا !! )
فإن كانت زلةٌ وشطط قولٍ فاستغفري الله وانزعي شبهتها عن موضوعك .
وإن كانت تمثّل حقيقة مقصدك فإن عليك البيّنة من قال أن بخّة العطر زنا ؟؟
ولا ترواغي بذكر أحكام ٍ فرعيّة لحالات فرعيّة ، وتذكّري أن الأصل في شربة الماء أيضاً الإباحة وهذه الشربة محرّمة أيضاً في نهار رمضان بغير عذر !
أيضاً هنالك فقرة ربما خانك فيها التعبير ولم تجيدي صياغتها بوضوح في قولك :
(( سؤالي لا يدخل ضمن دائرة التشكيك بالحديث لأنني أعلم صحته , أو ظلم واقع على المرأة من قبَل الإسلام ))
إخراجك سؤالك من دائرة التشكيك بالحديث او ظلم الإسلام للمرأة واضح .
ولكن صيفة خطابك - إنشائياً - تخبر بثبوت وقوع ظلم الإسلام للمرأة أصلاً بغض النظر عن دخول موضوعك ضمن هذا الإطار من عدمه ، وهذا على أحسن تقدير خطأ إنشائي فادح أتمنى تداركه .
وتخصيص الرسول الأكرم للنساء بكفران العشير لست أنا وإيّاك أعلم بسببه من الله ورسوله أفلا تتأدبي مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين تثيرين الشبهات وتطعنين بصحة تخصيصه أو تظنين رأيك حقيقٌ بأن يتبع رأي الذي نزّهه الله وصدقّه ؟!
ولإن استندتِ برأيك لحجة الواقع وقصر رؤيتك نرد عليك حججك فتأملي :
* ما ذكرته أنتِ بخاتمة مقالتك عن عظم حق الزوج على زوجته وحديثه ، ولو كنتي ممن يضعون الأمور مواضعها لكانت حسبك ، فإنما الحساب على قدر التكليف .
* حالة كفران العشير بالأصل أورد لدى النساء منها لدى الرجال وإن وقع بعضهم فيها .
* حكمك المستند إلى الواقع مردودٌ عليك وإن صح فيه رأيك ، فالواقع الذي تعيشينه الآن لا يُمثل عشر معشار واقع الدنيا وتقلب أحوالها ، فإن جاز قولك على بعض رجال هذا العصر ما دلالتك على جوازه على رجال الصحابة ومجمل العصور قديمها ومتأخرها ؟؟ باعتبار أن ما اخبر به الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يُعد محصلة نهائية لوقائع الدنيا .
* ثم أن إخباره ( صى الله عليه وسلم ) لحقيقة أن النساء أكثر اهل النار ليس من الرأي أن يؤخذ على أنه السبب الوحيد وإن كان الأورد !
أما استنباطك معنى أن الذنب في حق الناس أشد من الذنب في حق الله فجمع بين فساد الرأي وقلة الورع والأدب مع الله تعالى ! فهل حق الخالق على العباد يوازي حقوقهم على بعضهم البعض ؟!
اوليس الله لا يغفر أن يُُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ؟؟ قال تعالى : { ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما } سورة النساء .
مالكِ كيف تحكمين ؟؟
أم يكون حكم تارك ثاني أركان الإسلام وعماد الدين أهون من حكم مكفرة العشير ؟؟
أوليس الرأي الراجح في تاركها الكفر المخرج من الملّة ؟ فهل كفران العشير أعظم عند الله من الكفر به تعالى ؟
أما قضية التفصيل في الخطاب الشرعي للرجال والنساء فما أظن أنها من الأهمية بمحل في مثل هذه القضية ، والحديث فيها طويلٌ ولا حاجة له الآن .
أخيراً أتمنى منك مراجعة موقفك وطريقة طرحك للموضوع وتحري الإنصاف وتقوى الله قبل كل شيء .
وأسأل الله لي ولكِ الصلاح والرشاد ، وأن يجنبنا الضلالة والتضليل .
مع ودّي "
خلف