القاضي: كفاك تظلّماً وارتباكاً ودموعاً، وأَقسمْ أن تقول الحقّ ولا شيء غير الحقِّ.
المتّهم: أُقسمُ.
القاضي: ضع يدك على الكتاب المقدّس وليس الهاتف.
المتهم: أمرك سيّدي.
القاضي: قل، كنتَ بتاريخ كذا ويوم كذا تنادي في السّاحات العامّة والشّوارع المزدحمة بأنّ الوطن يساوي حذاء؟
المتّهم: نعم.
القاضي: وأمام طوابير العمّال والفلّاحين؟
المتّهم: نعم.
القاضي وأمام تماثيل الأبطال والشّهداء؟
المتّهم: نعم.
القاضي: وأمام مراكز المتطوّعين والمحاربين القدامى؟
المتّهم: نعم.
القاضي: وأمام أفواج السّيّاح والمتنزّهين؟
المتّهم: نعم.
القاضي: وأمام دور الصّحف ووكالات الأنباء؟
المتّهم: نعم.
القاضي: الوطن حلم الطّفولة، وذكريات الشّيخوخة وهاجس الشّباب ومقبرة الغزاة والطّامعين، والمُفتدى بكلّ غال ورخيص.. لا يساوي بنظرك أكثر من حذاء؟ ولماذا؟ لماذا؟
المتّهم: لقد كنت حافياً يا سيدي.
محمد الماغوط