لا أدري إن كان اختيار اسم الجائزة صدفةً لا علاقةَ لها بالأدب العربيّ و ما يحمله و يخبّئهُ من بيانٍ و بلاغةٍ و حصافة ,
أم أنّها من باب الاستهزاء بالقارئ الذي وجد نفسه فجأة محاطاً بعدد من الرّوائيين الجدد يفوق عددهم قدرته على حفظ أسمائهم ,
أم أنّها كانت فعلاً أمراً مقصوداً يرمي إلى الإشارةِ إلى الوضع الأدبيّ الرّاهن ..
جائرة البوكر العربية و التي لم تسقط عنها النقطة سهواً اعتمدت في تقييمها على غيضٍ من فيضٍ كثيرٍ من المقوّمات الرّوائية
الّتي يتمّ عادةً على أسسها تقييم الأعمال الأدبيّة و منحها جوائز الاستحقاق .
و بعيداً عن استنساخ اسم الجائزة عربياً فإنَ استنتساخَ مصداقيتها يخضع لاشارات استفهامٍ كثيرة .
عبده خال الروائي السعودي الذي يطلّ علينا من شبّاك الأدب العربي في بيت البوكر يثير الكثير من الغبار حول اللغة العربية الفصحى و مفرداتها الحصيفة
و يؤكّد لنا بالدليل القاطع أنّ لجنة التّحكيم لا تختلف عنهُ كثيراً في مسألة الجهل باللغة العربيّة
و أنّه هو ابن البادية الّذي يُفترضُ أنّها تربّي لساناً فصيحاً أبعدُ ما يكونُ عن الفصاحة و أقربُ إلى العاميّةِ بكلِّ عارها على الأدب .
لسان الضّاد يفتقرُ إليه عبده خال و لا أدري هل ذلك يعودُ إلى لثغةٍ سكنت قلمهُ أم أنّه لم يتنبّه و لجنة التّحكيم و ربّما المدقق اللغوي للرواية - هذا إن وجد -
إلى الفرق الهائل بين الضّادِ و الظّاءِ و الطّاءِ , فإن علموا فتلك مصيبة و إن لم يعلموا فالمصيبة أعظم !
ناهيك عن الانتقالات البدائيةِ بين الأفكار و الهاوية الّتي تفصلُ كلّ فكرة عن تلك التي تليها ,
و من ثمّ المواضيع الضّاربة في عمق الشّذوذ الاجتماعي و التي يفترضُ الخال أنّها تلقي الضّوء على عتمة المجتمع
بينما لا تلقي ضوءاً سوى على جهلهِ بأساليب النّقد الاجتماعيّ الأدبيّ بوجهٍ عام و الرّوائي بوجهٍ خاصّ !
مواضيعهُ تدورُ في حلقةٍ مُفرغةٍ عن المرأة و الرّجل و العلاقة الجنسيّة بينهما و الشّيطان المختبئ في كليهما
و الذي ما أن ينال الفرصةَ التي يعطيها إيّاه المحتمع المخافظ البغيض حتّى ينقضّ على الآخر !
أمّا ترجمة الرّواية فتلكَ مسألة أخرى , أتساءلُ هل من الممكن فعلاً أن تترجم روايات عبد خال إلى اللّغات العالميّة
الّتي ستفتحُ الأبواب الّتي ما زالت مواربةً على الجهل العربيّ و الانحطاط الأدبيّ ؟
أخيراً يبقى أن أنصح محبّي الأدب العربي بالاكتفاء ببعضٍ شعرٍ هاربٍ من زمن الأدب الجميل .