سَفَر ٌ إلى أنثى الفَرادِيس
حِينَ قال اللهُ "إنِّي خالِقٌ
بشراً مِن طِينِ" ها مُنْبَجِسا
بِضُلوعِيْ كُنتِ أنثى ذُرِأَتْ
روحُهَا فِي الطِّينِ لَمَّا هَمَسَا
*********
كانتِ الطُهرَ الذي يُضْفِي السَّنا
عَجْنَةَ الصَّلْصالِ لَمَّا انْبَجَسَا
******
كانتِ المِلحَ الـْ تَماهَى في مَسَا
مَاتِهِ فازْدادَ فِيها هَوَسَا
*******
فِي مَداهُ الرَّوحُ لَمَّا نُفِخَتْ
كانتِ الظِّلَّ وَرُوحاً قُدُسَا
*****
رُوحُها في رُوحِهِ قدْ رُتِقَت ْ
في مَقامٍ أَوكَلَتْها النَّفَسَا
******
وعلى الشُّبَّاكِ وَجْهٌ ،راحُها
بِالخُدُودِ اتَّـكَأَتْ قَابَ مَسَا
والمَدَى في شَفَقٍ حُمْرَتُه ُ
مُطْرِق ُالعَينَينِ مِنهُ اقْتَبَسَا
******
كانتِ الإصْغاءَ لَمَّا قَلبُهُ
أَوكَلَ الخَفَّاقَ مِنها مُؤنِسَا
*****
كانَ ذا روحَينِ قَلباً واحِداً
كانتا إكسيرَ خُلْدٍ حَرَسَا
******
كُلَّمَا تاقَتْ إلى رُؤيَتِهِ
أَوكَلَتْهُ رُوحَهُ كَي تَحْرُسَا
******
ومَضَتْ كَالضَّوءِ لَمَّا لُوِّعَتْ
مُذ رَأتْ فِي وَجْهِهِ مُلتَمَسَا
*****
ذاتُ رُكنٍ فِي مَكانٍ قُرْبَهُ
ناظِرَيْها اتَّـخَذَت مُخْتَلَسَا
*****
آهُ كَمْ قَد لُوِّعَتْ في سَمْتِهِ
ولَكَمْ تاقَتْ لَهُ أنْ تَلمِسَا
****
تَعشَقُ العِطْرَ المُهَابَ الـْ ضَمَّهُ
حِينَ يأتِيْ عِطرُها مُحْتَرِسَا
*****
وَهْوَ يَدرِي حِينَ يأتِيْ وَجِلَاً
عِطرُها أنْ قَد أَجاءَتْ لا عَسَى
******
ونَسِيمٌ أيُ رِيحٍ جَلَبَتْ
عن نَسيمٍ ما عليهِ الْـتَبَسَا
*****
وَأنا عِطرُ الفَرادِيسِ ومَا
دُونَهُ -الأنْفاسَ- إلَّا انْحَبَساَ
****
كُنتُ سِفْرَا ً وَهْيَ كانتْ آيَةً
فِيهِ كُبرَى ولِرُوحِي أُسُسَا
في الحَنايا أفْرَعَتْ أُنثى ومَا
فِيهِ تَعْرَى وَأَنَا مِنها الْكِسَا
*******
مُذ سَقاها اللهُ نُوراً أيْنَعَتْ
وَهَجَاً -فِي خافِقِي- مُنْغَرِسَا
*******
ثُمَّ لَمَّا فِي دَمِي آَنَسْتُها
جاءَنِي اللهُ بِأُنثى قَبَسَا
*****
رُوحُها مِنِّي ولَمَّا فُتِقَا
جَسَدٌ مِنِّي بها قَد نَبَسَا
****
فَهْيَ مِنِّي مِن ضُلوعِي رُوحُها
وبِها كانتْ ورُوحِيْ جُلَسَا
**********
كانَتَا رَتْقاً ومَا زِلْنَ كَمَا
كلُّ ضِلعٍ كانَ مِنِّي مَجْلِسَا
جَسَدَاً رُوحانِ لَمَّا ائْـتَلَفَا
في حَنايا الطِّينِ إلَّا انْغَمَسَا
جَسَدَانِ الأرضُ فَتْقَاً والسَّمَا
رَحمةً بَينَهُما الوِدُّ رَسَا
وإذا الأرضُ بِيومٍ أجْدَبَتْ
يَسْتَمِيتانِ إنِ الدَّهرُ قَسَا
أنتِ مِنِّي لِتُرابِيْ ماؤهُ
ما اسْتحالَ الطِّينُ مني يَبَسَا
أنتِ خيرُ الزادِ مِنِّي وَأنَا
فَرَحٌ عن كُلِّ وَجْهٍ عَبَسَا
قَدَراً لِي كُنتِ فِي جَنَّـتِهِ
وكَأُنثى فَنِـعِمَّا يُحْتَسَى
كنتِ لِي أُنثى الفَرادِيس ِ
هُناكَ هُنا الجَنَّاتُ فِي الدُّنيا النـِّسَا
رضوان السباعي
1أكتوبر2020