
كنت أراهم على قارعة الطريق ...عشاق عازفون ..رفاق أحبة يتمازحون بالات الموسيقى ..الغيتار والطبل والكمان ..كنت أقول ..ليس الأمر جمع دراهم المارين فقط...لعله اكبر ..لعله يليق بأناقة الضرب بالأوتار على قارعة الطريق ...لما نعزف ..لما نطمح لأن يسمع عزفنا الآخرون ونحن مع من نحب ؟..الا يكفي المُحب حبيبه ..؟ الا يكفينا ان تسمع أذن من حرك وتر قلبنا ألحاننا...؟ .. ماذا هناك ..مع الحب وبحضرته ...ماذا يريد الحب من قارعة الطريق وجمهور العابرين ؟..لما الهمس بأسرارنا للغرباء ورفقاء المنافي وأصحاب الدرب وحتى للأشجار ورذاذ المطر...
جاءتني الفكرة من وحي الناي ..شدني وذكرني بالشرق ، الحب يريد شهودا عليه ..يريد من غير صانعيه أو مُبتليه ان يكونوا على مسرح الحس والإدراك له ...يريد التواصي بقصص تحكى وتروى للأبد ..انه موجود ..حتى الجان والأشباح تتعرض لبعض الإنسيين حتى تبقى في دائرة النقاش فكيف بملاكٍ منير وان راود الشك المأزومين بالعقل حول وجوده ..رغم كل شيء الحب يريد شاهدا عليه ..قد يكون الشاهد أبيات من الشعر حفظت حب قيس أو زجاجة عطر حفظت سر شانيل أو حتى حجرا خُطَّ فيه قلب وقوس في أقاصي قرية نائية من بلادي أو ربما فنجاني قهوة تُركا على طاوله كموجة قدر تجمدت ....شاهد ..عقد ..طوق ..كتاب ..لحن ...رفيق صادق .. ما يريده الحب من الآخرين ومن الأشياء ..يريد الشهادة بالحق له ...فلما الزور ..لما الحنث بيمين التواصي عليه بالحق ..لما الحقد على أهله ...والتعرض لطهارته ...؟!
وهكذا الناي أنا معي ما يزال يداعب فكرة ..الشاهد .