
وداع فتاةٌ ذات بضعة عشر ربيعا ،
سقطت مغشيا عليها قبل زفافها بشهر أو يزيد ، أدخلت المشفى و شمس حياتها تؤذن بالأفول، مرضها كان عضالا ،
للحد الذي تم فيه استئصال عينيها ،
و في كل حين تسأل ماهذا الظلام ؟!
ومتى العرس يا أمي ؟!
و لمَ هذا الضماد يلفني, فلا ألمح سوى الظلام ؟؟!
و أمها لا تملك جوابا سوى الدمع !
وماتت وداع ُ وحتى آخر لحظة من حياتها لم تدر بأن الموت خيرٌ لها مما هي عليه !
هلت شجونٌ و هذا القلبُ يعتصرُ
و الليلُ جنَّ و حزنُ الفقدِ يعْتَكرُ
مَاتتْ وداع ُ وماتَ الحلْم في يدها
لا العُرْسُ قامَ ولا الأَفْراحُ تَزْدهرُ !
قَد كُفِّنت زَهرةً و المَوتُ غَيَّبَها
و دمعةُ الأمِّ مثلُ السيلِ تنهمرُ!
قَد وَدَّعَتْها و نارُ الشَّوقِ تُحرِقها
وَهْيَ التي قلْبها بالنأيِ مُنْفطرُ !
و أُخْتُها و الأسى صِنْوانِ ما افْتَرقا
وكيفَ للدَّمعةِ التَّعْساءِ تستَتِرُ
وَحلَّقَ الفِكْر ُ في بيداءَ شاسعةٍ
مِنَ التّأمِّلِ و التِّسْآلُ يحتضِر ُ
مَنْ ذا يُسَمِّي بِهذا الإسْمِ فِلْذَتَهُ
وَ يبْتَغي السَّعْدَ في الدنيا و ينْتظرُ
إنَّ الوداعَ كؤوسُ الدَّمعِ نَشْرَبُها
نأياً و حزناً وَ نَارُ البَيْنِ تَسْتعرُ !
فَكيفَ بالموتِ إنْ زارتْ على عجل ٍ
طيوفُهُ الكُثْرُ كالأسرابِ تنتَشِر ُ !
فيا وداعُ و يا حزناً يبعثرنا
فارقْتِنا سرمداً و العمرُ يعْتَذِرُ!
نُلمْلمُ الفَرْحَ من أبوابِ مِحْنتنا
و ندفنُ الدَّمعَ و الأعماقُ تَدَّكِر ُ
و نرفعُ الكَفَّ و الدَّعْواتُ تمْلؤُها
لفَاطرِ الأرضِ نرْجُوهُ وننكَسِر ُ
إرْحمْ وداعاً و ألْهمْ أهْلها وَ طنا
مِنَ التَّصبِّرِ إنَّ الصبرَ يندثِرُ