واستثمروا البائس الفقير - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
[ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : خالد صالح الحربي - مشاركات : 75379 - )           »          قَوقَعةُ التَّرامي ! (الكاتـب : عبدالله مصالحة - مشاركات : 554 - )           »          على السكين .. (الكاتـب : عبدالله السعيد - مشاركات : 2 - )           »          فج قلبي وداعه ..! (الكاتـب : ناصر حطاب الدهمشي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 5 - )           »          ( رسائل خاصة لبعض الأعضاء.. بالاسم ) (الكاتـب : زايد الشليمي - مشاركات : 48 - )           »          العرّاب (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 13 - )           »          (( وَشْوَشَة .. وَسْوَسَة ..)) (الكاتـب : زايد الشليمي - مشاركات : 66 - )           »          لماذا يمنحك الصمت هيبة و تأثيرا ؟! بقلم ندى يزوغ (الكاتـب : ندى يزوغ - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 2 - )           »          (( أبْــيَات لَيْسَ لَهَــا بَيــْت ...!! )) (الكاتـب : زايد الشليمي - مشاركات : 40 - )           »          في المقهى .. ؟ (الكاتـب : سيرين - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 4485 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-31-2007, 12:13 AM   #1
عبدالاله الأنصاري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالاله الأنصاري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 19

عبدالاله الأنصاري غير متواجد حاليا

افتراضي واستثمروا البائس الفقير



حتى الليل في آخره ؛ أجواؤه ساخنة وكأن الشمس أودعته بعض لفحها قبل أن تأوي إلى جهة أخرى ، ومع ذلك كان حماس نديم وهو يملي على صابر وصاياه أشد حرارة من تلك الأجواء الصيفية في ذلك المقهى المنزوي بعيدا عن العمران( بكرويتاته *) الأثرية وغباره الكثيف . أراد نديم أن يخرج قداحته من جيبه المشقوق فسقطت منه فانحنى صابر والتقطها وقام بإشعال نارها على فتحة ( ليّ شيشة الباعشن ) التي يتعاطاها نديم ذات الشكل المخروطي بلونها النحاسي الذي منذ أن خُلقت لتزين المقاهي العربية وهي تقشعر من الصدأ ، هل كان نديم بفعلته تلك يطرد الصدأ أم كانت ثقافته توحي إليه بأن الحرارة تستطيع قتل البكتيريا !

يسأل صابر:
كيف توجد البكتيريا ؟

يجيل – صابر – ببصره في أنحاء المقهى ، يتفرس وجوه الحاضرين ، ويعود ممسكا بالإجابة :
لابد أن تلك الأفواه لها دور في ذلك !

يحضر القهوجي إبريق الشاي الأصفر ..المرقع في ذلك المقهى المسرف في الترقيع ، كل شيء فيه مرقع ؛ حصير الكرويتات .. مرقع , وجدرانه مرقعة , وثياب مرتاديه مرقعة , بل حتى وجوههم لم تخلُ من الترقيع ،
وعلى ذلك كانت أفكار صابر شبه مرقعة , يبحث عمن يواري شقوقها ، وكان نديم أمله الوحيد !

كانت تبدو على صابر أمارات الاهتمام وهو يصغي إلى رفيقه الذي سينتشله من عالم المعدمين الذين لم يعد يعبأ بهم غير أشباههم , وحتى هؤلاء باتوا يتنصلون من شبهة أمثال صابر !

قرقرت ( شيشة ) نديم بعد أن أخذ عدة أنفاس متسارعة ، وسرح بنظره بعيدا , كمن يفتش عن مفقود في قلب الظلام الممتد أمامهم ، وتكلم بلغة الواثق الموجِّه . .

- يا صابر ، لست الوحيد الذي يقطن الخرائب ، فلا تتأسى لضيق الحال ،
فلقد أخبرني العرّافُ بأن ملامحك المضيئة قادرة على جعل الخير يهمي عليك من كل ذات رداء حريري وصاحب مجد ورقي موروث دون عناء ، ولكنك في حاجة إلى إحداث قليل من التغيير في الداخل والخارج .

يهمس صابر وقد راق له منطق صديقه المتأمل من وراء حسنه الكثير :

- ما الذي يجدر بي عمله ؟ أنقذني من هذا الفقر و لك نصف ما أرث !

صابر - هذا - رجل يرى بأنه لم يأخذ حقه من الدنيا ، وأن الحظ وقلة اليد نأوا به وأسلموه للردى ، يعتقد أنه يمتلك عقلية تستحق أن يكون صاحبها في مصافّ اللامعين الذين تبوؤوا المجد والشهرة .
يرى أن الظروف لو تهيأت له لفارق جلدَه الخشن , ولأثبت جدارته بكل ما يحلم بالوصول إليه ، ولكن لا يعرف من أين تؤكل الكتف ، لذا .. اتكل على نديم ، علّ الوساوس تساعده في الخروج من قمقمه !
مع أنه يعلم بأن نديم كالحرباء , ولا يؤمَنُ له جانب ، فهو شخص وصولي ومنافق ثرثار ، وأكثر من ذلك فهو من المتعالمين الذين يتحدثون في كل شيء ، و أي شيء .!

دنَتْ شياطين رفيقه وأرسلت أنفاسها لتصب في خلَدِهِ ، قائلة :
النبلاء – يا صديقي – ما كان نبلهم عفة ؛ بل قدرة على التلون و استثمار الفرص و تكيفهم مع الظروف المحيطة بهم وجعلها تصب في مرافئ أطماعهم ، ولا أخال أنه يعجزك أن تكون واحدا منهم في زمن يؤمن بالخرافة والأساطير القادرة على تيسير أمرك بقليل حنكة ودهاء !
يسأله صابر :
- وكيف ذلك يا صديقي ؟

يمد نديم ( لي الشيشة ) لصابر ، ويكمل :

- سأكيل لك المديح أمامهم ، وأشعل الفتيل ، وألوي عنق القادر على تغريرهم ممن نرجو حظوتهم ، حينها عليك أن تشمخ عاليا وتتحدث بتؤدة وتُعمِل التفكير وتظهر قليلا من الحكمة ، لن يكلفك ذلك سوى بعض حروف ونظرات واثق و ابتسامة لا تتكرر كثيراً !

الناس أكثر جهلا من السابق ، و الأغبياء منهم ، لا تحتاج لمعرفتهم سوى أن تدير رأسك في أكثر من جهة ، بعد أن تختبر ذلك بإثارتك لشأن ثقافي / اجتماعي ، وحتى دينيّ !

أعني أنك قادر على استغفالهم بأكثر من جملة , وادعاء علم وثقافة ,
وإذا كانوا حميرا فما عليك سوى ركوبهم ، ولكن يجب عليك أن تصدمهم بمخالفتك وإظهار الفهم , وتلجَ إليهم من حيث لا يعلمون .. ويعلمون !

عليك أن تُعلي شأن الوضيع ، وتحقّر رأي عالمهم فيما شذ من رؤاه ، واحذر أن تخالف ما دون الكبيرة المؤرقة جدلاً ، فالناس الأغبياء لا يجب أن تـأتيهم في مسلّماتهم الجاهلين بكنهها . عليك معرفة ذلك !

ابدأ بأدعيائهم ممن هم دونك من المشابهين لك – ذكورا وإناثا – , وإن بدأتَ بأنثاهم كان ذلك أكثر حظوة !

وضيعٌ مثلك ، إما أن يعتلي على أكتاف الآخرين ، أو يغوص أسفل ضِعَتِه ، حقيرا ذليلا !
فـ هلّا فعلت ؟
وإلا ؛ فكما أنت .. وأدنى !

تومض عينا صابر .. وبحماس يلتقط القداحة فتسقط القداحة على الأرض .. يصرخ بـ علوّ :

- هاتِها يا نديم ...

يبستم نديم بسخرية :

- لا .. ليس الآن يا صديقي !

ــــــــــــــــــــــــ
* الكرويتات هي الكراسي المصنوعة من الخصف

 

التوقيع

بعض الأحاسيس يجب وأدها ؛ كيلا تورِث حُمقا
albasha123@hotmail.com



عبدالاله الأنصاري غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:08 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.