.
.
ـ
رَائحةُ المطرِ تعجُ بخاصرةِ الريح ،تضجُر الباعةِ منْ سوء يومهم الماطر،
وهمْ يُلملمونَ بضائعهم ويركلون تحت أسقفٍ مُشبعة بـِ المطرِ
لسعةُ الهواء البَارد على جسد مشاعري الجافةِ ،وأنا أستحضرُ
صوتُ مُوسيقى البوب الدافئة العالقةِ بـِ ذاكرةِ أُذني ، ألوان الملابس الصارخة ،
وعقود الفّل المعلقةِ على ناصيةِ المحلات ،رائحةُ معجناتهم التي تمتلئ بالكاري، وصورُ المشَاهير
على ظهرِ العرباتِ ذاتِ الثلاثة أرجلِ، تلكَ النظرات المحفوفةِ بـِ كثير من الاسئلةِ
التي تلاحق إختلافي وأنا بينهم ، بلْ وأنا أحاولُ فهم لهجتهم الشعبية ،
إبتسامةِ الرِضا التي تكسو مُحيا كباره، وإحتسائهم لـِ (قهوة الكَركِ ) كما يسموُنها
في مثلِ هذاالوقتِ، عندَ شُرفاتَ بيوتهم، يتناقلونَ أخبارهم ، ويقوم أحدٍ بإصلاحِ
لعُبةِ طفلٍ صنعها منْ إحدى الأحذيةِ المُلقاةِ بجانِب رصيف ،الأزقةُ ممُتلئة
بـِ ضجيج الأطفالِ وهُم يركلونَ الكُرةَ على جوانبهَا ،حتى إذا ماارتفعت
قليلاً عن الأرضِ ،هوت إلى نافذةِ بيتِ تلكَ العجوز الوحيدة،
لتقومِ على ثقلٍ منْ عافيتها وتناولهم هي، بعد أن تُلقي عليهم السلام،
وتسألهم عنْ أحوالِ أُمهاتهم ، وعن أب طفلٍ منهم مُترقبٌ عودتهِ
من بلادِ العربِ تلكَ اليومينِ،
النساءُ يعدنَ فطائر (الشباتي ) لوجبةَ العشاءَ، وهن يخططن ماذا سيُعدنّ
لحفلةِ زواجِ ابنةِ جِيرانهم الأُسبوعِ القادمِ ، في غمرةِ تلكَ الأحاديثِ يُمرُ سائل يحظى
بـِ لُقمةِ تُدفئ إرتجافَ جسده النحيل، ما أجمل ذلكَ العطاءِ رغمَ فقرهم الفاحش ، (الشائب الإسكآفي )
ذو اللحيةِ الطويلةِ البيضاء الكثيفةَ ،هدوءه بينَ أدواتهِ ، وعجلته ما أن سمعَ نِداءَ الآذان ،
لاتُشغلهم الحفلاتِ التُنكريةِ ،ولا كيفَ سيكونُ هِندامهم ، لايوجدُ هُناكَ
من يقرعِ الصبيةِ عن الإبتعادِ عنْ عرباتهم الفخمة،ولا منْ يطلبُ منهم الإبتعاد
عنْ باب بيتهُ حتى لاتُؤرقهُ الأصوات ،
كُل شئ جميلٌ ، بسيطٌ جداً ،رغم صُعوبتهِ في نظري، حياتهم هادئةً ، كلُ مايبحثونَ
عنه هُو إقْتنائهم قوتَ تِلكَ الليلةِ فقط ، وغداً أمرهُ عندَ ربَ لاتنام عينهُ ،
ياالله اشتاقُ كثيـــــــــــراً ..،، أن أجوبَ تِلكَ الطُرقاتِ المُهتريةِ ،
لأرى العفويةِ ، الرحمةَ ، التّي تسكنُ ملامح هؤلاء البشرِ .(ياباهوت سندرهاي) .
كم أخذني الحنين إليكم هذا المساء يابُسطاء،
|