منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - ظِلالُ الفِكر
الموضوع: ظِلالُ الفِكر
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-22-2010, 12:43 AM   #3
عبد الله العُتَيِّق
( كاتب )

الصورة الرمزية عبد الله العُتَيِّق

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

عبد الله العُتَيِّق غير متواجد حاليا

افتراضي


الضلال الـ [2]
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة العرجان
المساحات الفارغة .. حيزٌ ملائمٌ لولادة السخافة ..!نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
http://www.ab33ad.com/vb/showpost.ph...&postcount=256


فاطمة ...
ليس شيءٌ في الوجودِ إلا لملءِ فراغٍ، و لا يملأ فراغاً إلا ممتلئٌ، و الفراغُ يُخالف الحكمة . الإنسان من ضمن هذا الوجود، و هو من أكمل الموجودات التي أوجدها الرب الحكيم، فهو مُوْجَدٌ من أجل أن يملأ فراغاً في الكون ليس إلا له فقط، و لا يُمكن أن ينوب أحد عنه، مهما كان هذا الأحد، لأن الكون موزَّعٌ على المخلوقاتِ كلها، فلكل منها نصيب فيه، لذا يأنس بعضٌ إلى أمكنة، و يشتاق إلى أزمنة، لأنه قد تولَّدت بينهما رابطةٌ ملأت الروح فيهما منهما.
عندما يعرف الإنسان حقيقة وظيفته في الوجود، و أن إيجاده ليس إلا ليكون أثراً بانياً في هذا الوجود، فإنه لن يتقبَّل شيئاً مما يُنحيه عن وظيفته و القيام بمهمته، بل سيكون مُدركا ببصيرته سيرَه و مواضع الخُطى ليسلم من الخطأ. لكنه عندما لا يُدرك سرَّ إيجاده فحتما سيكون تائها ضائعا، و من لم يُحدد مركزَ السهم سيرمي في كل الاتجاهات، فمن ليس له وُجهةٌ كلُّ الجهات وُجهتُه. والسُقيا من المملوء، و " كل إناءٍ بما فيه ينضح".
نلحظ في حياتنا كثيراً من التيه في شتى أمورنا، فلا نلوي على شيءٍ، ليس لعيبٍ في حقيقة ذواتنا، و إنما لأننا كنا فارغين حينها، متجردين من غاية تملأ حياتنا ساعتها، لذلك صرنا نتقبَّل كلَّ شيءٍ، الإسفنجةُ لا تقبلُ أيَّ شيءٍ إلا حين تكون فارغةً، كذلك القارورة، لكن حين تمتلآن فإنهما لن تقبلا شيئاً، لأن المليءَ لا يُزاد عليه و لا يُزاحم.
أولئك الذين تجردوا من كلِّ قيمة و غاية سامية ما عيبُهم إلا أنهم لم يمتلئوا بشيءٍ، فمُلئوا بما تمنحهم إياهم الأهواء و ألأحوال، على حدِّ قول الأول:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى
فصادف قلباً خالياً فتمكنا
فالنفسُ، بل الإنسانُ كله، مملوءٌ بأسرعٍ شيءٍ إلى فراغه، و محكوم بتحكمه بفراغه، فالإنسان حقلٌ، أيَّ بذرٍ فيه سينبتُ يوماً.
شكرا فاطمة ..

 

التوقيع

twitter: ALOTAIG

عبد الله العُتَيِّق غير متصل   رد مع اقتباس