منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - "إنهم يقتلونها"
الموضوع: "إنهم يقتلونها"
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-24-2008, 08:04 PM   #1
شيخه الجابري
( شاعره وإعلامية إمارتية )

افتراضي "إنهم يقتلونها"


.
.

للقتل أساليب متنوعة،كما هم الضحايا متعددون،والفرق بين القتل والقتل كالفرق بين القتل والقتل.والفرق بين الضحية والضحية كالفرق بين الشاة والذئب،لذا تختلف القضايا،وتضج المجتمعات بالضحايا.
غير أن الفجيعة في اللغة العربية تختلف كثيرا عن كل الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية التي يشهدها التاريخ الحديث أوشهدها كتسونامي،وجونو،وزلزال البورصات العالمية التي تنذر بحسب بعض المحللين إلى سقوط قريب للرأسمالية ،لكنهم لم يقدموا البديل ربما يكون الذيلمالية بديلا عن الأولى،لأن بعض الشعوب مازالت تعيش في ذيل الحضارة ومن حقها أن تترأس ويكون لها رأس بدلا من الذيل ،ولا رأس أقوى من رأس المال وسطوته وعنفوانه.
معضلة اللغة العربية شخصها حافظ ابراهيم رحمة الله عليه منذ عقود مضت حينما عرّى أبناءها واتهمهم بأنهم السبب في فنائها القريب،ودمارها المتوقع.
رموني بعقم ٍ في الشباب وليتني =عقمتُ فلم أجزع لقول ِعُداتي
وَلـدتُ ولما لم أجد لعرائسي= رجـالا وأكْفاءً وأدتُ بناتي
الذي يحدث اليوم أن اللغة مازالت تعاني،وثمة جرائم ترتكب بحقها عن سابق إصرار وترصد،وهناك مكائد ودسائس تحاك في السر وفي العلن من أجل الاستغناء عنها،والقضاء عليها وعلى كافة توابعها ،فلا تتعجبوا إن مرت بكم جملة دون توابع من أحرف جازمة ولازمة،وربما تحتجب أو تتححب كان وأخواتها رغم أنهم يمقتون الحجاب،وقد لا يطلّع حرف ألف على ما يفعله الباء بعيدا عنه،هناك حالة تشتت هجائي في الطريق إليكم فانتبهوا للعربية "أعني اللغة،وليس السيارة كما يسمونها إخوتنا في قاهرة المعز"!
العربية تحتضر ،وبعضنا يفكر في إقامة معارض لتأبينها،والبكاء على أطلالها،وحركاتها وسكناتها وهمزاتها وانتكاساتها ونكساتها التي حدثت بفعلهم لابفعل غيرهم.
كتّاب الانترنت يقتلون اللغة على مدار الساعة وبشكل مقزّز للأسف الشديد بالطبع ليس كلهم،لكن جلّهم ممن يعتقدون أنهم يجدّدون عن جهل للأسف أساليب الكتابة وهم يرسمون كلماتهم فتجد حرف الجر بعيدا عن المفردة التي يجرها إلى الجملة كأن تقرأ كلمة هكذا "كــ الحرباءة" بينما الأصل في الكلمة "كالحرباءة"،أضف إلى ذلك استخدامات الهمزة والألف اللإنسانية واللاّحضارية فكم من همزة سقطت من موضعها وكم من ألف ضاع بين عشرات الحروف فلم تُعرف وجهته إلى أين.
إننا جميعا مسئولون عن تردي أوضاع اللغة العربية وتضعضع مكانتها المقدّسة بين اللغات ،كلنا مسئولون حكومات وشعوب ووسائل إعلام ومناهج تعليم،ووزاراتٍ تدافع عن اللغة وفي الخفاء تُعمِل معاولها من أجل الإسراع في هدمها.
وَسِعْتُ كِتَابَ الله لَفْظَاً وغَايَةً= وَما ضِقْتُ عَنْ آيٍ بهِ وَعِظِاتِ
فكيفَ أَضِيقُ اليومَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ=وتـنسيقِ أَسْمَاءٍ لمخْتَرَعَاتِ
كيف يمكن أن نُعيد للعربية بريقها ومكانتها؟كيف يمكن أن نستعيد ثقة أبناءها فيها ،وفي قوتها،وقدرتها على استيعاب كافة العلوم،ومختلف المدارس،والتطورات العالمية؟كيف يمكن أن نستعيد قوتنا كأمة مسلمة وعربية من خلال تقوية روابطنا باللغة العربية وتعزيز مكانتها في المدارس والمنازل والمصانع وأجهزة الإعلام كافة؟
وهل يمكننا واقعيا تحقيق ذلك وقد شوهها بعضنا من الداخل،الحقيقة أشك في ذلك،وهل يُجدي البكاء على اللبن المسكوب؟
إنه سؤال المرحلة؟

 

التوقيع

.
.
اللهم احفظ وطني
دولة الإمارات العربية المتحدة

شيخه الجابري غير متصل   رد مع اقتباس