
.
مرحبا
يخبرنا السيد : حسين سرمك
إن العنف الذي أدخله مظفر النواب إلى القصيدة العامية هو من نوع ( العنف المُحبّب ) أو ( العنف الآسر )
الذي يختلف جذريا عن ( العنف الدموي ) الذي أدخله الجواهري إلى القصيدة العراقية الفصحى ، والذي امتدت عدواه إلى روّاد قصيدة التفعيلة .
،
الفارق شاسع بين عنف الجواهري والبنية الفنية واللغوية والجمالية لقصيدته ، وبنية قصيدة السياب العمودية شكلا ومضمونا وقدرة تصويرية .
لكن ما يهمنا هنا هو أن العنف الجواهري الوحشي عنفٌ معدٍ أصاب بعدواه شعراء الحركة الجديدة الذين امتدت في نصوصهم مفردات الجواهري ...
أمّا العنف النوابي فهو العنف المحبّب – العنف الآسر ، العنف الناجم عن تشابك إرادتي الموت والحياة في وحدة جدلية خلّاقة .
،
إن الثورة النوابية قد دشّنت مرحلة الإنتقال النهائي في القصيدة العامية العراقية من المرحلة ( الفوتوغرافية ) إلى المرحلة ( السينمائية ) إذا جاز الوصف .
إن هذه المشهدية السينمائية قد فرضتها ثقافة الشاعر .
ولنقل بلا تردّد أن شعراء العامية الذين سبقوا مظفر لم يكونوا مثقفين ،
وهم معذورون بسبب طبيعة المرحلة التاريخية التي عاشوها . كانوا مثقفي فطرة ..
وثقافة الفطرة قد تُدهِش أحيانا من ناحية الإلتقاط التلقائي ( العذري ) لتململات الطبيعة ، لكنها (لا تخلق) ،
بمعنى أنها لا تستطيع تشكيل حركة شعرية من الحركة الطبيعية التلقائية ،
أي أنها عاجزة عن الإنتقال من حالة (الرصد) الفوتوغرافي إلى مرحلة (التجسيد) السينمائي المشهدي العريض الذي ابتكره النواب.
,