اعترافات رجل لا يرغب بالاعتراف :
19 تشرين الاول 2014 ..
في عالمٍ مليء بالصخب أبحث عن نفسي ... بحثت طويلاً حتى عييت و أيست من نفسي التي بت أعتقد أنها ليست موجودة أو موجودة وجود الأزل فهي كائنة غير ملموسة .. و لربما هي من القرب ما يجعلها تبدو أنها من البعد ما يجدر بي البحث عنها ... أو علّها كما ذكرت آنفاً ليست موجودة أصلاً لكن طبيعتي البشرية تحتم عليّ أن أظن أنها موجودة فأسير في نهجٍ من التفسيرات الفلسفية التي تختلف باختلاف العقل و المنطق ، هذان العنصران اللذان يفترض بهما أن يكونا الثابتين الوحيدين في الكون .. لكن واأسفاه فقد أثبت الزمن و القدر أنهما أشد تغيراً من طبيعة الطقس في هذين اليومين الماطرين المشمسين ...
و على كل حال فإن نفسي التي لازالت تائهة أو التي تبعثرت على صفحة الكون لم تورثني إلا الضياع ... فأنا إنسان روحي في جسد انسان بشري ... و هذا الصراع لا يسقيني إلا انفصالاً عن الواقع و نفوراً من التفاهات الاجتماعية التي تدعى ( علاقات ) ...
يسّاقط المطر تباعاً على نافذتي ، الرعد و البرق يتراقصان في السماء .. إنها أنشودة رقيقة تليق بأرض طيبة ... إن أرض بلادي طيبة لكن شعبها خبيث ... و هكذا يأتينا الخير بفضلٍ من طيبها و تأتيها الفجائع و المآسي بفضلٍ من أعمالنا ..
و على الرغم من مثالية حروفي إلا أنها سخيفة أيضاً .. نعم سخيفة فهي تتلو قصيدة الخير و الشر بل و تحمل على كتف حبرها اللوم و التقريع ، فيها صيغة مؤنبة و جلد لذاتٍ مهملة ..
و كل ذلك كذب تعلمناه منذ تبرعمنا على شجرة هذه الأرض ...
إنه لمن السهل أن نلقي باللوم على المجتمع و نسترسل في حرية بالشتم و اللوم و المواعظ طالما أن هذه الصفات عامة تنسب للمجتمع لا الفرد .. أما عندما تبحث عن الفرد .. عن الشخص المعني بتلك الصفات المريعة التي جعلت وجه مجتمعنا مدمراً ... عندها لن تجد أحداً .. و كأن كتلة المجتمع هي فرد عملاق مريع و ذات الأفراد الصغيرة هي أمثولة ملائكية لا رابط بينها و بين نسيج المجتمع الفعلي ..
إن العقول الساذجة - و لربما أنا منها - لديها دائماً قائمة ضميرية .. تسجل فيها شخصيات تعرفها لتكون أضحية في بوتق المجتمع ليستطيع هو النفاد منها ... إننا بذلك نخرس الضمير و المنطقية البديهية التي تضرخ فينا أنه إن لم نجد شخصاً مسيئاً لبنية المجتمع فأغلب الظن أن ذاك الشخص هو أنت ذاتك ... و لذا اعتدنا دائماً كبشر صنع قوائم ضميرية مختلفة التصنيفات نقدم فيها أضاحي بشرية لنخرج أبرياء ، و إن فحوى العلاقات الاجتماعية هي إبعاد نفسك عن قوائم الآخرين بغض النظر إن كنت صادقاً أو منافقاً ، و على ذلك فأنا لست أدري حقيقة كم قائمة تتضمن اسمي ، لكني لدي ثقة عمياء بأني برَّأت كثيراً من البشر أمام محاكم ضميرهم المرتشي ...
أما عن قائمتي فلست أرغب بالافصاح عنها ، إلا أنني جربت مرة أن أضمن فيها اسمي و تلك الكارثة النفسية لن أعيدها مرة أخرى ... فيبدو أن ضميري ذو أحكام صارمة مؤلمة .. و انا بعد ربع قرن من الحياة لازلت هشاً ...
التوقيع : رجل على قيد الموت ...
بقلمي : سمة