دائماً ما يرافق النجاح .. أعداءٌ للنجاح ، وسواء كانت حقيقة و صواب أو دخان من غير نار ، إلا أن حكاية الرجل المثير للجدل لوشيانو مودجي أصبحت بؤرة إهتمام كل صحافة العالم مباشرة بعد فضيحة الكالتشيو بولي ؛ حيث إحتاج الأمر إلى أن يتغير الحزب الحاكم من يميني إلى يساري .. وأن يتغير وجه رئيس إتحاد الكرة لأن يكون صديقاً ودوداً للإنتر .. وأن تتلون الاتصالات الإيطالية بأكملها باللون الأزرق ..
كان بالفعل مجهود عظيم جداً من أجل الإطاحة بالداهية لوشيانو مودجي .. فمثله لا يسقط إلا بالشديد القوي .. والقوي جداً .
وشخصياً ، لست هنا لكي أحكي عليكم ما قضية الكالتشيو بولي وما حدث فيها ؛ فقد مللنا من سرها وعلنها .. و ظلمها قبل عدلها .. ولكن من هو لوشيانو مودجي ؟
يُحكى إنه في زمن أنجيلو موراتي (مالك الانتر السابق و الاب لماسيمو رئيس الانتر الحالي) كان هناك جبروت .. جبروت عظيم جعل الانتر يهيمن على الساحة الايطالية و الأوروبية و العالمية .. ولكن ولأنه ناجح و قوي لدرجة يصعب تقبلها ، فقد إرتبطت به قضايا فساد .. وما بين مصدق و مكذب .. وما بين أدلة محيره و مشاعر معادية .. فقد كانت الأقاويل كلها تتمحور حول إيتالو ألودي .
لن نتحدث عن إيتالو ألودي كثيراً ولا عن خلية الانتر في الستينات ؛ ولكن من المهم أن نعرف بأن ألودي بعد حقبة الانتر الذهبية .. رحل لليوفنتس كمدير عام .
وبعض المؤرخون للكرة الايطالية يعتبر ألودي هو GodFather لمودجي .. حيث كان مودجي وقتها صغيراً بالعمر (في آخر الستينات) وكانت وظيفته أن يراقب المواهب ويقدم البيانات للمدير العام ألودي .
إلا أن هناك لم يكن ود ولا مودة بين رئيس اليوفنتس بونابيرتي وألودي من بعد نهائي أبطال أوروبا 1973، فكان بونابيرتي الباقي باليوفنتس و رحل ألودي .. وتمت ترقية مودجي لأن يكون المستشار الرياضي الاول لرئيس اليوفنتس .. ولكن ما زالت الصفة الوظيفية غير المفضلة لمودجي ، فهو يريد أن يكون مديراً رياضياً رسمياً وليس مجرد مستشار مؤقت .. فحصل إختلاف في وجهات النظر بين بونابيرتي وتلميذ ألودي .. مودجي .. فرحل الأخير ايضاً عن اليوفنتس .
وهكذا رحل مودجي عن اليوفنتس ، ..ليكون المستشار الرياضي لرئيس روما وقتها (1975) جايتانو آنزلوني مقاول البناء .
في تلك الفترة بزغ إسم مودجي كداهية في الصفقات بعد أن جلب لروما الهداف الكبير جداً روبرتو بروتزو في صفقة مالية ضخمة حينها تفوق فيها على سيد السوق في السبعينات .. على اليوفنتس .. مما أصاب بونابيرتي بالسخط !
ولكن الإدارة الجديدة لروما بقيادة الرئيس دينو فيولا (1979) أنهت شهر العسل بين مودجي و روما بعد أن عرف الرئيس بأن الداهية كان قبل مباراة روما و أسكولي يقيم مأدبة عشاء مع الحكم كلاوديو بييري !!
ليرحل بعدها مودجي الغاضب للند .. لفريق لاتسيو .. الذي كان وقتها يعاني من أزمة التوتونيرو (فضيحة المراهنات) .. وبكل غرابة لم يكن لمودجي لا يد ولا إصبع فيها إلا أن صديقه سوليانو (المدير الرياضي في بولونيا قد تورط في الموضوع).. وتم تسليم مودجي منصب المدير الرياضي ؛ وهو المنصب الحلم له ؛ وكان في قمة السعادة .. وحين تعاقد مع الهولندي رينيه فان دي كيركوف .. ولكي يقدمه لوسائل الاعلام .. جاء سوء الحظ .. في نفس اللحظة جاء البيان الرسمي بهبوط لاتسيو مما يعني إستحالة شراء لاعب أجنبي طبقاً لقوانين الدرجة الثانية في 1980 .
كانت خيبة أمل مضاعفة .. لاتسيو بالدرجة الثانية .. و إفساد الصفقة الهولندية !
وتمضي الأيام لتحل المشاكل المالية في لاتسيو ، ويجد الاعبون صعوبة في تأدية المباريات دون أن يتم الدفع لهم .. هنا كانت الأفكار الإستبدادية تحوم في مخيلة مودجي بأن يتم تفويض الإدارة له (أي أن يصبح المدير العام او الإداري) ، ولكن القرار كان مختلفاً حين إستلمها شخص آخر .. وقد شعر مودجي بالإمتعاض .. وحين جاء الصيف لم يجد سلطة بيده ولم يجد الدعم الكافي لدخول الميركاتو .. فقرر الرحيل بعدها ..
Cat and Fox

بعدها ؛ حان الحنين لمودجي لكي يعود لضفاف جبال الآلب ، ولكن هذه المرة مع تورينو حيث شهد الفريق هناك تطورات إدارية : سيرجيو روسي رئيساً لتورينو ، لوشيانو نتزولا مديراً عاماً ، لوشيانو مودجي مديراً رياضياً ..
لقد كان تورينو وقتها يُعرف بـ (Two LucianoS) .. الاول إستمر بنجاح إلا أن أصبح رئيساً للإتحاد الايطالي و الدوري الإيطالي ويُلقب بالقطة ، و الثاني (مودجي) أصبح أشهر من نار على علم و يُلقب بالثعلب !
ولكن ، و رغم السنوات الطويلة في تورينو في الثمانينات ، إلا أن مودجي لم يكسب ثقة الجماهير بعد سلسلة من الصفقات الكروية المخيبة لا يتسع لي المجال للحديث عنها في هذا الموضوع ولكن مودجي فشل قانونياً بحيث تعاقد مع لاعب من الاساس قد وقع مع نادي آخر .. و تعاقد مع آخر قبل الموعد الرسمي لفتح الميركاتو .. وكانت تلك التخبطات إدارية ولا تصح إطلاقاً .. ولكن الخيبة الكروية و المالية كانت فيما هو آت ؛ حين شعر رئيس تورينو بالخيبة بعد أن دفع 5 مليار ليرة إيطالية من أجل شراء الأرجنتيني باتريتشيو هيرنانديز .. وفي نفس الوقت ومقابل 150 مليون ليرة فقط إستطاع الغريم اليوفنتس من شراء الفرنسي بلاتيني !!
ولكن تفوق توريو في دوري 1985 بالحلول وصيفاً منح مودجي الثقة من الرئيس و الجمهور مجدداً .. إلا أن ذلك لم يستمر حيث في موسم 1987 صاحت جماهير تورينو تسأل مودجي .. من سرق الأموال ؟
هنا قدم مودجي إستقالته مباشرة .. وبعدها فقط بساعة واحده .. قدم الرئيس سيرجيو روسي الاستقالة ايضاً .
في الجنوب 1987 ، كان هناك أحد أفضل رؤساء الاندية (كورادو فرلينو) و أحد أفضل مدبري الصفقات (إيتالو ألودي ؛ معلم مودجي) ..
كورادو فرلينو رئيس نابولي الشهير ، الذي جلب سافولدي في السبعينات برقم قياسي عالمي ، والذي جلب أيضاً مارادونا من برشلونة برقم قياسي عالمي أيضاً .. أما بخصوص إيتالو ألودي فقد كان بتلك الفترة مريضاً .. وكان قد حقق ما حقق من شهرة وجبروت و ربما فساد .. وكان تلميذه الآخر وقتها (مارينو المدير الرياضي الحالي لنابولي) صغيراً على أن يستلم المهمة رسمياً فتم إستقطاب مودجي من تورينو .. ليكون الثعلب خليفة للشهير ألودي ، الذي بالمناسبة إنتهى عصره الكروي في تلك اللحظة .
و رغم شهر العسل الرائع في نابولي ؛ إلا أن نهاية موسم الكالتشيو 1990 كانت مثيرة تحكيمياً .. فبعد مباراة نابولي في أتلانتا وكيف إستطاع البرازيلي أليماو أن يتحايل على الحكم بأنه لا يستطيع إستكمال المباراة بسبب إصابته بعملة نقدية من مدرجات جمهور اتلانتا .. ورغم ان أليماو كان يستعد للنهوض لكي يستكمل المباراة إلا أن توصيات جاءت من الدكة الاحتياطية بأن يبقى مصاباً .. وهكذا فاز نابولي في مباراة مثيرة للجدل ومؤثرة جداً على سباق الكالتشيو 1990 .
ولكن ، إستمر التنافس بين نابولي و ميلان ، إلا ان جاء اليوم الاخير حين تم طرد أربعة من الميلان في لقاء هالس فيرونا في واحدة من مهازل التحكيم العالمية وليست الإيطالية فقط .
ففاز نابولي بالبطولة المقدسة .. وبدأت المشاكل .. والمخدرات .. وعائلة كامورا .. وإنهيار نابولي !
ولكن رحيل مودجي كان بسبب حالة مارادونا السيئة خصوصاً في بطولة أبطال أوروبا 1991 ، حين تمرد مارادونا عن الذهاب لموسكو من أجل المباراة الحاسمة .. ولأول مرة يفشل مودجي في السيطرة على دييجو .. فشعر وقتها مودجي بأن كل شيء في نابولي ينهار .. وهو ما حصل فعلاً .. فرحل مودجي بعدها .
عاد مودجي من جديد لجبال الآلب .. ومع تورينو .. حيث الرئيس المنقذ لتورينو جيان بورسان الذي صعد بتورينو من الدرجة الثانية لنهائي كأس الإتحاد الاوروبي في غضون ثلاث سنوات ... كان مودجي مديراً عاماً .. ولكن تورينو كان يعاني حقاً من شبح الإفلاس ، ولعل صفقة بيع لانتيني للميلان برقم قياسي مفاجيء .. قد أنقذ نوعاً ما تورينو من الافلاس ولكن .. لم ينقذه من السقوط .
أيضاً ، كان بتلك الفترة فضيحة تورينو من جانب الضرائب في صفقات بيع الاعبين ، بالاضافة لشكوك حول فضيحة مراهنات في مسابقة كاس الاتحاد الأوروبي لم يتورط بها مودجي لان زميله في الادارة بافاريسي (الذي كان يده اليمنى في نابولي) تحمل المسؤولية كاملة .. ولكن تم الحكم على مودجي بالسجن 3 شهور ودفع غرامة مالية تقدر بـ 3 مليون ليرة إيطالية .. ولكن عقوبة السجن تم إستبداله بغرامة مالية .
وهكذا إنتهت قصة مودجي مع تورينو .. وحين كان يحاول الذهاب لفيورنتينا .. إذ بالامور لا تتم لان الفيولا قد هبط للدرجة الثانية .. ليتمكن وقتها إداري روما ميتزاروما من التعاقد معاه رغم معارضة الرئيس فرانكو سينسي .. ولم تكن هناك علاقة ود قوية فلم تستمر العلاقة سوى عام واحد .
ليرحل بعدها مودجي إلى حيث بدأ .. إلى اليوفنتس .. وإلى حيث إنتهى .
إنها مقدمة مطولة فقط عن حياة مودجي ما قبل مهمته باليوفنتس .. فما بالكم لو تحدثنا عن مودجي اليوفنتس ؟
إنه بالفعل الرجل الاول بالكرة الايطالية .. رجل تنحني له كرة القدم الايطالية من جميع الإتجاهات .
بعض من المباريات التاريخية مشكوك فيها ، فازت بها أندية كان مسؤول عنها مودجي .
- روما ضد أسكولي 1980 ، عشاء خاص بين مودجي وحكم المباراة .
- تورينو ضد بيسا 1983 ، فوز تورينو 1-0 بركلة جزاء مثيرة للجدل مما أغضب رئيس بيسا متهماً مودجي بالفساد .
- بيسا ضد نابولي 1988 ، رغم فوز بيسا 1-0 إلا أن نابولي فاز بقرار إداري 2-0 بعد أن تعرض أحد لاعبي نابولي للرمي من الجماهير .. بيسا و إدارته جن جنونها للمرة الثانية ضد مودجي .
- نابولي ضد كومو 1989 ، فوز نابولي باللقاء بعد دراما تحكيمة .
- نابولي ضد اليوفنتس 1989 كأس الاتحاد الاوروبي ، حين ألغى الحكم الالماني هدفاً صحيحاً لليوفنتس بداع التسلل .. مما جعل اليوفنتس يفتح تحقيقاً مع الاتحاد الاوروبي الذي أمر بعدها بان لا تُسند مباريات أخرى لذلك الحكم ..!!
- نابولي ضد شتوتجارت 1989 نهائي كأس الإتحاد الأوروبي وركلة جزاء من الخيال واصفاً إياها رئيس شتوتجارت .. الحكم ومعاونيه (حسب إدعاءات مختلفة) تمت مشاهدتهم في أرقى فنادق نابولي وهناك مودجي رفقة بضاعة نسائية .
- أتلانتا ضد نابولي 1990 ، حيث كانت النتيجة 0-0 ، ولكن تعرض أليماو للأصابة بقطعة معدنية وتمثيله على الارض بأنه مصاب أعطى الفوز الإداري لنابولي 2-0 .