|
معرفات التواصل |
![]() |
|
أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا . |
|
أدوات الموضوع
![]() |
انواع عرض الموضوع
![]() |
|
![]() |
#1 |
|
لا تسألوني عن جرحي .. هو النص الذي ملت أدراجي منه تسلل هنا دُفعة واحدة .. وبلا تنقيح يُرضيني .. إليكم ، وبعد غياب .. يبدو لوهلة أنني عاشقة ، أحدق في الفضاء وفي الطائرات التي تثقب السماء ، وحدها الطائرات من تقاسمني الهم ، تمر بي كل يوم ، وتخبرني أنها ستأتي به .. فلا أقلق كثيراً .. الأمر يتعلق بالزمن فقط .. ولابد أن أنتظر . ألوح للمسافرين ، وأدرك جيداً أنهم لن يروني ، ولكن بالتلويح تتصاعد الروح نحوه وتسافر ، حيثه حتماً .. في يومٍ ما سأركب الطائرة وحدي ، وسيلوح لي عابر ما ، سأحدق كثيراً في الأسفل ، علني أرى النقاط بأبعادها الثلاث ، عل عيني تلتقط ذراعاً تلوح من أجلي ، من أجلي فقط ولا تسقط . الكون بالخارج لا يتوقف عن الحركة ، ما إن تخفض عينيك من مستوى عبور الطائرات ، تجد شوارعاً لا تتقاطع على شيء ، وأناسا لا يكفون عن الحركة ، وأطفالاً لا يعرفون التعب ، وأنا بنافذتي ، أمارس قٌداسة التحديق في الأشياء ، وأعبر بذاكرتي كل ما يتعلق بما أراه وبه وحده .. إنني أخشى أنني قد اخترت الطريق الزلق .. وما من آمان يضمن لي الوقوف من جديد ، رجال المطافئ يسكنون بجانبنا ، لا ينفكون من تجريب سيارتهم كل يوم وفي نفس الوقت ينظفونها باستمرار بالرغم أنها لا تتحرك إلا قليلاً ، ويتأكدون من سلامة جرس إنذارها المزعج ، هكذا هم متأهبون لأي اتصال عابر ، حتى لو كان كذبة ، كما كنا نفعل ونحن صغاراً ، نتصل على المطافئ أو الشرطة نخبرهم بان ثمة حريق قد نشب ، وندلهم على مكان الوهم ، وأنا مثلهم تماماً ، متأهبة لأي حريق في قلبي ، أتحسس نبضاته كل حين ، أدرك جيداً أن حرائقه لن يُطفئها أحد سواي ، مهما كان المتصل بقلبي هو طفل عابث . نافذتي وطن ، أنصت لأصواتهم وهم يتهافتون ، يصطفون كل يوم في السادسة صباحاً ، يُدهشني هذا المنظر ، أعشق هكذا انضباط ، ترى كم يحتاج الواحد منا حتى يصير كما يريد ؟ .. هذا السؤال يرهقني كثيراً . ويبدو أنني أمتهن معايشته ، في الصباح لا أجيد التحدث إلى أحدث .. يسيطر الصمت على كل شيء ، لابد أن أستعد لمحاضرتي الأولى ، هاتفي لا يكف عن الرنين .. والمتصل ، ليس من أظنه طبعاً ، فابن خالتي الصغير ابتاعت له امه هاتفا وليس من أحدٍ يتصل إليه غيري ، وحدي من أجيد مجاملته ، وحدي من أتحمل هَم شخصية الضعيفة في هذا السن الحرج ، أخشى أن يكون صادقاً ، ويفهم الحب كما يقول ، أخشى أن يكون قد أحب نوف التي حدثني عنها بالأمس صدقاً ، أخشى أن تكذب عليه ، اليوم لا طاقة لي بمجاملة أحد ، حتى لو كنت سأتحمل ذنب كسر خاطره وترك أربع مكالمات لم يرد عليها وهو يدرك جيداً أنني أتعمد عدم الرد ، ترك لي رسالة قصيرة : - اليوم عيد ميلاد نوف ، سأهديها جهاز "الأي باد" ، دعي ذلك سراً .. لم يكن بوسعي أن أمنعه ، ولا أن أرد عليه بإبداء وجهة نظري ، تركته يفعل ما يشاء ، تُرى لما يُهديها هدية غالية على قلبه كهذا الجهاز الذي أعلم أنه يعشقه كثيراً لأن أمه قد أهدته إياه حينما نجح في الصف التاسع هذا العام ، لما نظن أن الحب الحقيقي هو ذلك الذي نُضحي بأشيائنا الثمينة فيه ، والتي هي حقاً ليست بأثمن من قلوبنا ، ياه يا تركي ، أخشى عليك منها كثيراً ، وأدرك أنك لن تفهم ما أعني . أحتاج إلى بئر أخبره بما أشعر ، كما يفعل تركي معي ، أخبره عن حدسي ، وعن سر الطائرات ، ورجال المطافئ ، لا أريده أن يمنعني ، أو أن يُبدي وجهة نظره بردود أفعالي وبما أشعر ، لا أريده أن يشوه الصورة التي أكمل رسمها كل يوم ، لا أريده أن يعبث بشيء أبدا ، أريده أن ينصت إلي فقط ، كما تفعل الجدران ، والمرايا ، والصور ، والرسائل ، فلا أريد أن يسألني أحد عن جرحي ، ولا أحتاج إلى مواساة في يوم ما ، فـ "الجراح التي نتسبب بها لأنفسنا ، وحدنا من يجب أن يتكفل بتضميدها" ، .. هكذا تمتم تركي حينما تناست نوف يوم ميلاده .. رفعت رأسي مجدداً وفتحت النافذة ، مرت الطائرة المائة والخمسون لهذا الشهر بتعدادي ، ولم تأتِ به .. تمت
|
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة
|