يتبادلان الحديث ..

[تهاني سلطان]

.

الكَلام لا يَجعَلنِـي أخْرَج مِن دَائِرة التَلقِيح المُنَمقْ لِـ نِسيَانٍ مُستقبل فِي وِسعهِ أنْ يُفَاجِئ العَسس عِند زَوايَاهُمْ
العَارية بين أحْضَان الليلْ ..

ظُهور و إختِفَاء يَسلبُ الخَارج و لا يَتركـ لِـ الدَاخِل شَيء.../ خُطوط وجههِ سُخرية صَمت على فَمٍ قاسِي
و مَغنطة المَلامحِ تُفَتِحُ الرؤى بِـ زوال الحُدود و تَجنِيد النَظرة المُعَذبة بِـ سَاعة سوء ...

شَمسٌ تَتجسس من الأعلى ..أضعُ يَديّ فوق رأسي ,و أتخَايلُ في خطواتي حتى أرويّ عَبثَ مُكريّ فَـ أجدُ النَاس
يَلتهمونيّ بِـ ضَحكاتهم و أعبرُ و البَقَايا منيّ ..أنحنيّ تحت الرجاء أتوسلُ إلى الظل أن يَشكو عليّ حالي و
أذانٌ خَلف الأبواب تَسترُق سَمع الصَدى و أغفو فِي الظلام ..
لَهجة الدُفوفْ و نحيب صَدى الكُهوف تَعْلَقْ عَلى الورد و تُودع اليَأس حَافية القَدمين بِـ جَسَدٍ مَفقود
تَحتْ ظُروفٍ غَامِضة يَصْعَبُ شَرح طَبيعَتها المَسِيريةْ ..

تَدقُ البَاب أياديّ الرياح .. و تَكسرهُ بِـ غَضب لِـ أستيقظ على عُشِ الرَصيف .. و أُنَفِضَ ثَوبيّ و لا أُجيبْ ..

تُعْتَصرُ الأذرُع أجْسَادهَا حَتى تَبكِي العِظامْ مِن شؤم التَعَامل و تختَنِقْ الرُوح بَين الأورِدة..
صُراخ الهَلاكـ وبُكَاء العِظام يَتَلاشَى لَحظة القَبضْ فَـ سَاعةُ الوصول لا تُحسب بـ نَظراتْ الدُموع المَهدورة
عَلى حَياة مُسْتَهلِكيِها ..وعِند الأنْفِصال تَغمدت النَزاهة الفُقَداء إلى حَيثْ التِيهْ لِـ يُعَلقْ الودَاعْ فِي السَماء فَلا
يَسْقُط فِي الهَاوية ..


فلا تَكلنيّ إلى ذلك و لا تتعجلْ .. و يظلُ الحديث .. /

.

 

[تهاني سلطان]

.

وحتى لا أملّ الانتظار ..
نهضتُ من الكرسيّ .. و جلستُ على الأرض ..

.

 

[تهاني سلطان]

.

- كم حجم خسارتك لِـ من حولك .. بعد أن خسرت شيئاً من عاداتك و تقاليدك ..!
أو كم حجم خسارتك لِـ عاداتك و تقاليدك .. لِـ من أردتهم حولك ..!
كيف أنت بعد أن أصبحت هُم ..!
أو كيف هُم بعد أن أصبحت جزءاً من مُعرفهم و لكن مازلت تحمل شيئاً من كان ..!

- هل تتحدث كَـ هُم ..!
أم تتحدث كَـ أنت ..!
و أيهمَا الحقيقة .. ما أعتدت عليهِ صغيراً .. أو ما أردت الدُخول إليهِ كبيراً ..!

- أ تتشرف بِـ عزلك عن من كُنت معهم ..!
أ تخضع لِـ أوامر من أنت معهم ..!
أيهُما سَـ تُقاد إليهِ .. و أيهُما سَـ يرفض الذهَاب معك ..!

- راضٍ .. طامح .. متعالٍ .. ماهيّ صفتك ..!
تذكر أنكْ سَـ تكون على طريقٍ واحد ذا اتجاهان أحدهُمَا ينعتك لِـ زعلهِ .. و الآخر
يمتدحُك لِـ مطامعهْ .. !
لكن أنت ماذا سَـ تُدليّ من الأقوال على ذاتك .. أترحمهَا .. أم تجبرهَا على سماعكْ ..!

- الماضيّ .. سرْ ..
الحاضر .. مُشَاعْ ..
الثُبوت .. جنة ..
التغيير .. عذاب ..
القديم .. محبب ..
الجديد .. مكروه ..
أتحب أن تكون أمعة الماضي .. أم مُنقاد الحاضر ..!
أو شُتات بين ذلك ..!


- و إليك الكلَم مُوجه ..

.

 

[تهاني سلطان]

.

- اللهم أنزعهُ من قلبيّ ..
- اللهم أنزعهُ عن قلبيّ ..

.

 

[تهاني سلطان]

.

ياصديقي الحزين .. أصبحتُ نصف امرأة .. تقود المنيّة إلى الأشياء الحيّة .. تقتل السعادة بِـ أداةٍ حادة ..تمزقهَا و تقطعها إلى أشلاءٍ حتى يموت النبض بِـ داخلهَا .. أنا نصف امرأة عبَثت بِـ قلبك حتى جعلتك تنطق بِـ " الحب " .. ثُم نزعت نفسهَا و تركتك و حيداً تُصارع الحقائق و تُعزيّ الظُلم الذي كنت تكرههُ كثيراً .. أو يا صديقي الحزين كان الفقد .. الفقد الذي تخشى أن تتجرع مرارة ألمهِ و تحتضُن شرفتهُ العالية بين وسع كفك .. الفقد الذيّ كنت تُنبهنيّ ألاّ أسكنهُ داخلك بعد أن أذهب أو أسافر بهِ إلى ربيّ .. ها أنا نصف امرأة تُشاهدك واقفاً و ترثيّ على حالك .. تُشاهدك متألماً و تتركك وحيداً هادئاً في صومعتك .. تبكيها و هي قريبة ماتزالُ في الأرض .. تُناديها و تخبئ وجههَا بين يديها حتى لا تراها و حتى لا تنطق بكْ .. فلا تجد غير الشَكوى .. و لا تجدُ هي غير انتظار أن تُنتزع منهَا كَـ تفكير ..كَـ قلبٍ .. كَـ خفقات ..

نصفُ امرأة أقولهَا .. أرتميّ بِـ جسدٍ هالكْ .. أريدك أن تعلم جيداً أني أُقاسيّ كما تُقاسيّ أنت و لكنيّ ماعادت أٌصدق الحُب .. ما عادت أشرعُ فيهِ كثيراً .. أصبحت أتوارى عنك لِـ ألاّ تُفاجئني بِـ كلماتٍ يخشعُ لهَا قلبي و يُرددها بينه و بين نفسهِ فرحاً .. ياصديقي الحزين .. أنفاسُك تنشر طُعُم لِـ اللقاء العاطفيّ .. حديثك منهكٌ عندمَا تتخذُ من أحداثِِ يوميّ حديثاً لا ينتهيّ .. لكن..!

أنا نصف امرأه .. أذهبُ بعيداً عن كمالِ الرجال لِـ ألاّ "أحب " .. لِـ ألاّ " أتألم " .. لِـ ألاّ " أضيع " ..بعد أن اعتاد على أحدهم في حياتيّ .. و يُصبح صدريّ لهُ أناملاً تناديهِ لِـ تقفل بِـ قبضتها عليهِ و تأمن بِـ وجودهِ .. لستُ كَـ كل النساء .. أنا نصف أمرأةٍ .. تشعر بِـ عاطفةٍ شديدة تجاه رجلٍ ما .. لكنهَا تصحو في محيطٍ يجاورُ عقلهَا و يفيقٌ معها فَـ تتراجع .. نعم أنا نصف امرأة .. ولا أريدُ أن أكون امرأة مكتملة بِـ الحب .. أعذرنيّ صديقي الحزين فَـ أنا لا أزال نصف امرأة ..

.

 

[تهاني سلطان]

.

- حزين ..
- السبب ..!
- لا أعلم .. لكنيّ حزين جداً ..
- تحدث عنه ..
- حزن مُثقل ..
- لِـ نتقاسمه على كلينَا و لا يحملهُ أحدنا فَـ يُهلكه ..

.

 

[تهاني سلطان]

.

-مايجول داخل الرأس .. يخرج من الفك السفليّ و يبحثُ عن إنزواءٍ في الخارج ..
-مايجول داخل الرأس .. افشاءُ سرٍ لِـ من لا يحفظون الكَلم و يتداولونه بعيداً عن مسامعنَا ..
-مايجول داخل الرأس .. مستمدٌ من حقائقٍ و تجاربٍ لا يحظى بها إلا الشخص الموازي لِـ الجدار ..
-مايجول داخل الرأس .. هباءٌ في أحاديث الآخرين ..
-مايجول داخل الرأس .. يؤلمنَا جداً حتى يُلفظ في المحيط ..
-مايجول داخل الرأس .. كلماتٍ غير مرتبة و جملٌ غير مفهومة ..
-مايجول داخل الرأس .. حديثٌ ممل لك و له و لها ..
-مايجول داخل الرأس .. اعتقادات لا تشريع لها ..
-مايجول داخل الرأس .. انتظار لِـ أن يصرخوا علينا أن توقفوا عن الحديث ..
-مايجول داخل الرأس .. لا يهم الأغلبيّة ..
-مايجول داخل الرأس .. تلتقطهُ الخيبة من جديد و تمحورهُ لِـ صالحها ..
-مايجول داخل الرأس .. أن الجميع يرون الآخرين إلا أنا ..
-مايجول داخل الرأس .. لم يعد موجوداً ..

.

 

[تهاني سلطان]

.

عنَدما تتحدثُ معيّ مطولاً أشعر بِـ أن كائنك الذي يسكن داخلك يلجأ إلى هُروباً منك .. و كأنهُ يجدنيّ الوطن له .. و الملجأ الذي يقبعُ تحت الأرض وينتظر قدومهُ لِـ يحميه .. فَـ الحُب أنا من صنعتهُ له بعد أن أستنجد بيّ كَـ طائرٍ يتيم يمدُ منقارهُ إلى السَماء طلباً لِـ ما يُسكت جوعه .. و الاشتياق وما يؤول إليهِ من حنين و ضجر لِـ من هم حولك أنا من صنعتهُ لك لِـ أمتعك بالغياب و الحضور متى شئت .. ألاّ تعلم حتى أنيّ جعلتك تُمارس شُرب القهوة كثيراً حتى تعتمد على قضاء أطولِ فترةٍ ممكنة في التفكير بيّ .. و ليس ذلك فقط .. بل و تشرب نوع القهوة التيّ أشربها أنا .. أصبحت أيضاً تحسبُ مواعيد تواجديّ و مدة غيابيّ فَـ أدرت عقارب ساعتك عليها و بدأت توازي خط أوقاتيّ .. و أحياناً و دون ما تشعر تكرر كلماتي في حديثك .. تصنعُ طريقة النطق .. و تلقيهَا .. حتى أني أتبسم أحياناً لأنك تتأثر بي كثيراً .. فَـ إن أضعتني يوماً أجدنيّ بِك .. و يغلبنيّ كثيراً انسحابك حتى أني في أحايين كثيره أود أن أصرخ لا وطن يستحق أن يبقى دونك .. و لكنيّ أتجاهل ذلك و أفضل أن تعيش بلاد الغُرباء و تُجربهُم حتى تعود إليّ حنوناً .. شغوفاً .. مُسالماً .. و أحتضنُك بين ذراعيّ ..

.