اليوم .... الثلاثاء
صُلّي على صالح صلاة العصر بالحرم الشريف !
شاب في مقتبل حياته ... تخرج من الثانوية العامة
وفعل المستحيل والده لتوظيفه بالمباحث العامه ..... !
الملفت أن صديق والده فعل مع ابنه نفس الشئ ...
وجائت الدورة العسكرية لأبناء الصديقين مع بعضهما !
إنتهت الدورة !
عيّن صالح في مقر خارج مكه !
وصديقه داخل مكه !
فعل صديقه المستحيل للنقل إلى عمل صديقه صالح ليكون بجانبه !
رغم أن موقعه داخل مكه وبجانب بيته وهناك الكثير يبذلون المستحيل للحلم فقط بذلك !
إلا أنه اختار اللحاق بصديقه دون إعطاء اي انتباه لتعب السفر اثناء الدوام !
بالأمس فقط .... خرج صالح من عمله ولحق به صديقه وقال سأذهب معك !
رغم أنه يمتلك سيارة ... ولكنه أعطاها أحد زملائه فقط ليرافق صديقه صالح !
وفي الطريق ..... ترتطم السيارة بشاحنة وتوفيا الصديقين !
وصُلّي عليهما ودفنا بجانب بعضهما ..... !
.
.
والوالدان أيضاً تربطهما صداقة تمتد لسنين !
.
.
فالمقابل عزّيت والد صالح ... وتربطني بهما صلة قربى !
أربّت على يدّي والده ... !
وهو يبتسم لي ويقول : الحمدلله على كل حال !
كما أن شقيقة صالح توفيت قبل بضعة اشهر !
وهذا الرجل المسن الذي يملأ ذقنه الشيّب .... يبتسم
ويحتسب الأجر عند الله .... !
وقفت قليلاً أنظر إليه ..... وهو يرّحب بالناس في منزله !
ووالله أني أرى في وجهه حزن لو وزّع على كل البشر لأغرقهم !
ولايزال يكتم ذلك ... ويرّحب بالناس !
انظر إليه .... ورب الكعبة أن دمعي على وشك النزول !
لاأعلم ولكن الفقد غالي .... غالي ... ولا يوصف !
فكيف إذا كان الفقد ... قطعتين من داخل احشائه !
قبل بضعة شهور إبنته !
والآن .... إبنه الطيّب !
لاأعلم لماذا أحسست به ربما كما لايشعر به أحد !
لم أفقد إبناً ... ويارب لاتذيقني ذلك !
ولكني ذات يوم ٍ من الأيام توفي أخي أمام عيني وأنا أنظر إليه !
يالله .... لاأريد هذا الحزن لا لوالد صالح ولا لأي مسلم !
ولا أريده ياربي حتى لعدوّي وهو عدوّي !
.
.
صلينا العشاء بالمسجد .... خرجت من المسجد ووقفت .
جاء والد صالح ووقف بجانبي ومّد لي يديه ... !
يكاد يسقط !
سحبته إلّي ... وأستند عليّ ...
أشعر يابشر بالحزن يمتد من يديه !
أشعر وكأنه يقول لي : يابني ساعدني فما عدت قادر على المشي !
أشعر به وكأنه يقول : فقدت أغلى ماأملك فما عادت الأرض هي ذات الأرض التي مشى عليها ابنائي يوماً !
أشعر به يقول : هنا كدت أن أسقط ... لأن هنا بذات المكان كانوا أبنائي يلعبون وهم صغاراً .... !
.
.
ياااااه ... كل هذا في كفّه !
ووالدته في كفّة ٍ أخرى !
.
.
.
يارب إرحم صالح وأدخله فسيح جناتك وأرحم أخته وأدخلها الجنان يارب العالمين.
يارب إرحم صديقه الوفي الذي عاش معه ومات معه وأدخله مدخل صدق وارزقه الجنة بدون حساب يارب العالمين .
يارب ... يارب .... يارب كن مع أهله وصبرهم يارب وأجرهم في مصيبتهم الجنة يارب .
يارب لاتذقني الفقد لا أنا ولا كل من يقرأ المي هذا ... ولا كل المسلمين يارب .
.
.
والحمدلله على كل حال
واللهم لاإعتراض على قضائك ولا قدرك يارب .
لك الحمد والشكر .