إلى ............................

[غنج]

مديري العزيز

أحلى صباح سيمر عليّ هو صباح هذا اليوم الذي ستكون ورقة استقالتي في سجل الأوراق التي تحتاج لتوقيعكم الكريم ، صباح هذا اليوم ستكون بين يديك ، ورقة استقالتي قبل أن يقيلني الملل والروتين والمعاملة غير المنصفة ، قبل أن تقيلني غصة المرارة على سنوات أعطيت فيها أكثر مما أخذت ، والأخذ هنا لا يقترن بالمادة التي أصبحت محل اهتمام الكثير من الناس ، ولا علاقة له بدائرة الضوء التي يقاتل الكثير لدخولها ، أو المنافسة لأكون سوبر ستار المكان لأني على يقين أنني أجيد العمل في تخصصي ولن أبرع في تخصصات أخرى وكما يقال : أهل مكة أدرى بشعابها ، حيث أن الأخذ الذي أعنيه هو التقدير والمكافأة والترقية وأنا نلت بعض التقدير المعنوي الذي أغبط نفسي عليه والحمد لله ولكن هذا التقدير قيدني أصحابه وربما سجنوني في غرفة مظلمة ، في جدارها كوة صغيرة تهديني النور الذي تتوق روحي له وستصل إليه ، أما مفردة المكافأة التي لم ألمس وجودها ، حتى كلمة الترقية لم تترجم إلى واقع ، فمنذ أن عملت وإلى أجل غير مسمى – كما يبدو – وأنا محلك سر .
حين تخرجت من الجامعة ووضعت قدماي على عتبات الحياة العملية وفي صدري طموحات وأمانٍ خضراء حلمت بالكثير ولكني لم أدرك أن ما تعلمته على مقاعد الدراسة لا يطابق الواقع ، مختلف تماماً عن الحياة العملية .

سيدي المدير :
كنت وسأبقى أُباهي بك لأنك أفسحت لي المجال للتعلم والاحتكاك مع الواقع العملي في قطاعات مختلفة ، ولأنك استوعبت فكري وكنت مديراً وإنساناً راقياً في التعامل ، كنت أقدر حزمك الذي يراه البعض ظلماً ، كنت أتلمس طيبتك التي يراها البعض خبثاً ، كنت دائماً أجد الأعذار والتبريرات لبعض قراراتك التي تترك أحياناً كثيرة انطباعاً سلبياً لدى الكثير من الموظفين والموظفات ، وذلك لأني أحترم شخصك ، كنت وستبقى محط الغبطة وربما الحسد عند البعض ممن حولي لأني أنقل لهم صورة حية صادقة عن تعاملك معي وكيفية تواصلك مع الآخرين ، ولا أستطيع أن أنكر أنك شخص مجتهد ، تسعى للتميز والتطوير ولكنك في الوقت ذاته تتأنى في إفساح المجال لموظفينك ليرتقوا بأنفسهم وبالأعمال التي يقومون بها مما يجعلهم على بينة أنك ستقزم طموحاتهم وستقيد أفكارهم ، وبالتالي سيشعرون بالإحباط .
لذا فأنا وباختصار أشعر أني لا أستطيع الصمود ، لا أود فقد فرص جديدة بحكم ولائي وحبي لمكان احتواني ومنه وجدت ذاتي ومن خلاله تركت بصماتي هنا وهناك برغم أنف الجميع ، لا أريد أن تضيع مني روح الإبداع والابتكار فأبقى أراوح مكاني ، وأظل أبد العمر هنا دون خطوة واحدة تجعلني على يقين أن الغد سيكون أجمل ، لا أستطيع أن أظل في دائرة مغلقة لا نقطة بداية لها ولا نهاية ، لا قدرة لي على المواصلة هنا ، لذا ها أنا أضع نقطة لتنتهي فترة عملي لديكم التي قضيتها بجد واجتهاد وإخلاص في العمل بشهادة الجميع ، نقطة نهاية لمرحلة مهمة من حياتي لكني ماضية للأهم ، يبقى توقيعكم الكريم على ورقة استقالتي التي أتمنى أن توافقوا عليها وتسمحوا لي بالمضي لأنكم في المستقبل القريب ستباهون بي الملأ ، لأني عاهدت نفسي أن أصل إلى القمة ، إلى المركز الأول حيث يستحق المجتهدون العاملون بإخلاص .

غنج