نص أول بينكم
ــــــــــــــــــــــــــ
أنا الميت استغيث بكم فهل من مجيب
انتقلت لرحمة الله قبل عقود من اليوم, وحشة القبر تخنقني, في قبري لا أنيس لي سواها , سنوات وأنا أشاهد جسدي يذوي , الدود يعمل بنشاط دائم, نهش أعضائي كلها حاولت ردعه, ولم يستجيب لندائي, وصل لقلبي ما تزال تسكن فيه وتمرح, انتفض قلبي وطردة بعيدا عنها, هي وحدها تزورني هنا , تحيله جنات وأعشابا ,فضاء واسعا تملؤه نجوم وشمسا مشرقة .
غاب لشهور طويلة وعاد بعدها بدفعات أكثر وقوة أكبر , هذه المرة لم أستطع معه دفعا , نهش قلبي ومزقه , أراه يتلذذ بأكلها وهي تبتسم لي, عيناها تطلب العون , مت منذ زمن , الموتى لا يملكون يدين.
أرجوكم أسعفوها وأسعفوني , ألا يكفي موتي عقابا.
****
رمى قلمه في أحدى زوايا غرفته القبر كما يسميها , لا شي يثير فيها سوى تلك الزاوية المضاءة بصورة لفتاة مبتسمة , كتب أعلاها "هذه جنتي , فدعوها بسلام"
وقع القلم في نفس الزاوية هشم البرواز وأصاب منتصف الصورة .
هرع مسرعا لها , التقط الصورة ضمها لصدره بقوة عيناه تدمع باعتذار
تحول بكاءه نشيجا, كان نشيجا عليها , وضع الصورة بدون برواز في مكانها .
****
ألتقط القلم وأكمل
ألا يكفي رحيلي عنها لتموت ذكراها , دعوها تسكن ما شاءت , تأخذ ما شاءت
دعوها فقبري بها أجمل , لا أريد شيئا غيرها فدعوها
مدوا يد العون , خذوا هذا الدود بعيدا عني من أجلها فقط , أيأكلها الدود وهي من استعصت علي , أيتمكن منها هذا الكائن الصغير.
من يعيش على الموتى أيأكل الحياة
لا يأكلها فأرحل أيها الدود نحو الموتى , نحو الجثث
****
رمى القلم هذه المرة في الجهة المقابلة
والدود كاد أن ينتهي من التهام الصورة.