وجهُ الرياض ..! - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
الانجذاب الأخير "هجين من القصة والشعر والخاطرة" (الكاتـب : إبراهيم امين مؤمن - مشاركات : 0 - )           »          الوقوف مبكراً على الناصية (الكاتـب : منى آل جار الله - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 3 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75372 - )           »          !!!!! .....( نـــــذرولـــــوبــــيــا ) ..... !!!!! (الكاتـب : خالد العلي - مشاركات : 164 - )           »          ارتعاش في جوف الصمت. (الكاتـب : عُمق - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 3 - )           »          فواصل شعرية ( 3 ) العيد (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 20 - )           »          العُتاةُ على العُروشِ! (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 0 - )           »          ادعوهم بأسمائهم (الكاتـب : عبدالإله المالك - مشاركات : 0 - )           »          من خطواتهم نعرفهم! (الكاتـب : جهاد غريب - مشاركات : 0 - )           »          على السكين .. (الكاتـب : عبدالله السعيد - مشاركات : 1 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-31-2020, 02:46 PM   #1
نبيل الفيفي
( يسمعُهُ الله )

الصورة الرمزية نبيل الفيفي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

نبيل الفيفي غير متواجد حاليا

افتراضي وجهُ الرياض ..!


ثمة قلق شفيف يشوب هذه الصباحات ، قلق تتجرعه المدن الصاخبة إن أُجبرت على الهدوء ؛ تمامًا كوجه جندي تحفز للقتل و لم يخبره أحد أن الحرب قد انتهت و أن السّاسة اجتمعوا ليلًا واقتسموا ولاءه و تضحياته ؛ لحظة الذهول التي ينتعل فيها رأسه باحثًا في وجوه من قتلهم ، عن أي وجهٍ من المفترض تذكره قبل أن ينام ليشعر بلذة الانتصار الزائف .
ما أكذب هذه الصباحات و الرياض تلوك باستهتار راقصةٍ - حُليّها الفرح و حاليها عنبٌ مسكر رائحته الندم - رجلًا يحاول إغراق المدينة بالغزل و الابتسامات القديمة و عيناه تتحاشى جثث الخطى المتراكمة على الأرصفة منذ زمن ، يقف بين فترة و أخرى .. يلتفت يمنةً و يسرة .. لا يرى أحدًا ... يرتعب ، تخونه قواه يحاول التماسك فتركله الفكرة .. .. يصارعها ليقف و يكمل هذا الهراء الذي اسمه الواجب ! ليكنس الوقت و يهيّء مساحة لينصّب نفسه "إشارة قف " و هو ينظر لازدحام السير المفاجئ و كأن الأرض أصابها تلبك معوي و لفظت كل هذه البشر ..
عويل سياراتهم تزمجر بالانحاء ...
غضب إطاراتهم تزيد حنق الطريق
... لا يراهم يذهبون لشيء و لا يسعون خلف أمرٍ يتحتم عليهم الخروج من منازلهم فجرًا في يوم كهذا و كأن عيناه ؛ المدى و انبعاثهم ؛ الريح يولدون من طرفها و يبتلعهم طرفها الآخر .
هذا الحزن الأبيض على المدن ليس للتوّ ! هذا الشعور القديم خفيف على روحي لا يؤلمها و لكنه يشغل حيّزًا كان باستطاعتي ملأه بصوت أمي ..
في مرحلة ما تنسلخ من نفسك و تراقبها من بعيد تراها كيف كانت ذا قالبٍ مرصوص باتساقٍ متقن و كيف كنت سترى العالم لو أنك حاربت بإخلاصٍ و لم تغرك محطات الانتظار و تلويحات العابرين و رسائلك التي لم تصل ، لم أكن لأعرف كنه هذا الحزن العفيف لو لم تقايضني مدينة كالرياض بغناء النساء و القصائد المسكوبة على أجسادهن حيث سلبتني رائحة الطين و ملامح أمي المرسومة في يدي حيث أنّ القرى أمثالنا لا تملك ما هو أغلى من الحنّاء و الطين و لهذه القناعة جذورٌ أطلت على صدري منذ زمن غير أنّي كنت فارغًا تمامًا إلا من الوقت ، الوقت الذي تسرب من بين أصابعي و أنا أنزف ملحًا أزرقًا كلما تعثرت بزيّ أحدهم العسكري ..
يسألني عن هويّتي !
و ما اسمي ؟!
و من أين جئت ؟!
و إلى أين سأمضي ؟!
كانت تدهشني أسئلته العفوية و أسبح فيها باحثًا عن صوت أبي بارتباكٍ لأعاتبه وهو الذي قال : أنت امتدادٌ سمرة أرضها ، و تجاعيد جبينك خُطى من فيها ، و رائحتك صوت نسائها ، و مساماتك تنضح بعرق رجالها ، فقط لا تنسى أنك منها و كل البشر سيعرفون أنك القرية ..
حسنًا ! لماذا لم يعرفني هذا المسكين ! و كيف تجاهل قوافل جدي عندما صافحته ؟ و لم تخبره من أين أنا ؟ لماذا لم يرَ أبي في ندبة وجهي ؟
... بينما يصرفني عنه و أنا أبحث عن هذه الإجابات لأرتطم بغيره و غيره و غيره ! إلى أن اكتشفت متأخرًا أن الرياض كانت تخنقني بطرقها ، بشوارعها ، بأزقتها حتى صرت أحدها ؛ طريقًا لعابرين كانوا في ذاكرتي و أغريتهم و رحلوا ! ، بَنت على صدري أحلامها اللامتناهية ، غرست في صوتي النشاز ، و أحالتني محطّة انتظارٍ مهجورة .
أووه عفوًا حبيبتي !
مرّ عقدٌ من الحنين و أنا أكتب الرسائل عن كل شيءٍ و أعنيكِ ! و أخونك و لا أبعثها إليكِ ، انتظر بادرة صلح مع الليل ؛ هذا الليل الذي يكرهني ، الذي لا يجيءُ بك و لا أستطيع الانفكاك عنك ، في هذا العمر يكون من المرهق جدًا أن تكون كمجلس كريمٍ لا يزوره أحد و يتغلغل في صدره حزن المكان و هيبة النار و رائحة القهوة ! أو تشعر كأنك يدُ غريب يتمشى في مدينة يجهلها تتعرق في جيبه لحاجتها للصفاح الطويل ..
أو تعلمين لماذا هذا الخراب كله ؟! و لماذا شاخت الكتابة و لم يعد لدينا خيارٌ بالتراجع ؟!
فقط لأنها اغتيلت الرسائل و شرّدت الطوابع و مات ساعي البريد و بقيتي و ظلّت فيّ الرياض .









رُبمـا !

 

نبيل الفيفي غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هنا الرياض محمد الخضري أبعاد النثر الأدبي 4 04-25-2015 03:35 AM
السيرة الذاتية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خديجة إبراهيم أبعاد الإعلام 4 02-02-2015 06:34 PM
أبعاد الإستشارات القانونية طارق أحمد الجريان أبعاد العام 14 05-02-2014 03:01 PM
مبروك لأهل الرياض .. إجازة ... حمد الرحيمي أبعاد العام 22 11-17-2007 12:45 AM
بنات الرياض مُجدداً \\ على طريقة ساره الزامل م.عبدالله الملحم أبعاد العام 18 03-25-2007 12:03 PM


الساعة الآن 05:19 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.