مصرُ التي في خاطري

[شيخه الجابري]

.

.

::

ليست هي التي في خاطري،وليس الخطاب الإعلامي الذي تابعناه وما زلنا نتابع تبعاته حتى هذه اللحظة هو الخطاب الذي درسناه على نهج عبدالوهاب قتايه،وفاروق شوشه،وكريمان حمزه ،وسناء منصور،هذا الذي نراه لايحمل سمات أم الدنيا بل إنه يحمل سمات أمٍ فقدت وعيها وأعصابها،وفلتت منها حتى الكلمات،ما الذي يحدث في مصر؟ وهل يستحق الموقف الجماهيري الجزائري من جمهور غير مسئول كل هذا الضجيج الهادر من الشتائم والتطاول على أشقاء تربطنا بهم وشائج الدين،وعوامل أخرى مللنا من تكرارها وتسميعها في حصص التاريخ المدرسية؟
ما الذي حدث لأبناء النيل فنانين،وإعلاميين،ومسئولين،ورأي عام خرج عن وعيه،لنصحو فجأة على حرب كلامية من طرف واحد تكيل التهم،وتدافع عن مصر،هم لايعلمون أن مصر ليست في حاجة لمن يدافع عنها،مصر بكل ثقلها التاريخي والحضاري والإنساني نجمة في سماء الوطن العربي،وهي في محل القلب والنبض والعيون،مصر ليست في حاجة إلى كل هذه الضجة المفتعلة على مباراة انتهت بخسارة شكلت نقطة فاصلة في تاريخ الوعي العربي.
مصر التي في خاطري ليست هي التي خرجت إحدى بناتها لتعيّر الجزائريين بأنهم هم الذين علموهم العربية،ولقنوهم دروس النحو وبلاغة التعبير ولولا أن المصريين قاموا بتعليم الجزائريين العربية إبان استقلال الجزائر "مَكَنوش عرفوا ينطئوا حرف واحد النهارده" مما جعل المذيع الذي كان من المفترض أنه يقدّم برنامجا دينيا يشطح في حديثه ليدخل في مفاصل أخرى من العيب جدا أن تُثار بهذا الشكل السافر فيقول : " احنا اللي بنينا العالم العربي ،مهندسين،ومعلمين،ووووو" كانت حلقة معايرة بلا منازع ، يا أخي "خذت احسانك بلسانك" وما كانت حاجة للتعليم تلك التي تعيّرون بها العالم العربي اليوم،ألم يتعلّم غيركم؟ألم ننهل العلم كمواطنين عرب من كل المواقع،هذه فلسطين محتلة منذ أكثر من ستين عاما لم يخرج فلسطيني واحد وفي أشد الظروف حلكة ليعيّر أبناء أمته أن فيهم من علّم الخليجيين أو المغاربة وغيرهم!
ما الذي يحدث في مصر؟ما الذي يجعل فنانة في السبعين من عمرها تذهب لتشجيع فريق تعلم أنه قد يخسر ثم تأتي لتندب حظها وأنها أهينت وأنهم يحملون السكاكين،ثم يأتي فنان آخر ليقول كنا شايلين ورد"أنا بصراحة ما شفت ولا ورده في ايد مشجع" هذه المبالغة لماذا؟
لمَ لمْ يلتفت الإعلام المصري لمعالجة مشكلات المواطن المصري البسيط وقضاياه الداخلية ،المواطن الذي يفترش الأرض ويلتحف السماء ،ولا يجد قوت يومه ،هل هي خطة مرسومة لصرفه عما يحدث وما قد يحدث على الصعيد السياسي المرتقب داخل القُطر الشقيق؟
ولم الإصرار على القُطرية المقيتة هذه في وقت نحن في أشد الحاجة فيه كأمة عربية للتلاحم والتكاتف والتعاضد وانبرى فقط لتبني حملة شعواء لتمزيق أواصر الأمة الممزقة منذ الأزل،لماذا يصر الإعلام المصري على أن مصر فوق الجميع ويضع هذا الشعار أسفل شاشات قنواته؟

إن مصر ليست فوق الجميع بل هي مع الجميع في البناء والتشييد ولمْ الصف وجمع الشمل ومعالجة الخلل الأزلي ،والوهن الذي ينخر في جسد الوطن العربي،فقط اصرفوا أذاكم الإعلامي عنا أيها الإعلاميون الجهابذة.

إضاءة :
" الله يرحمك يا بابا زايد"