يا شعراء الفصيح
مللنا منكم ومن النُّسخ المتكررة المملة !
هكذا سأبدأ كلامي وأصرخ.. لأن الضجر أصاب الشعر والقراء، فما من جديد، سوى صور مجزوءة متكررة منذ زمن الكتابة السومرية وحتى اليوم بعد آلاف السنين..
أما آن لهؤلاء الشعراء أن يقفوا على آخر ما كتب في الشعر الحديث؟
ولا أقصد هنا الدعوة لقصيدة النثر، ولا أعني أبدًا القالب في حديثي، إنما الموضوع يدور في فلك الجوهر.. بت أسمع وأقرأ القصيدة وأنا اشعر بالغثيان.. ليس أنا فقط..حتى الآخرون
أما آن للشعراء أن يعيشوا حقيقة الحياة الواقعية في نصوصهم بعيدا عن الرومانسية المفتعلة والكلاسيكية غير المجدية؟
أما يحق للقارئ أن يشعر بما يحيط به في القصائد التي يسمعها من شعراء جيله الذين يعاصرهم ويعاصرونه؟
لماذا يرجعونه إلى ما قبل التاريخ؟ ويقتلون شعوره بتعبير الشعر عن رؤاه ؟
مثال:
مررت على أمي وقد كانت تتابع برنامجًا شعريًا وصلت فقراته إلى شاعر لم يكتب شعرًا ولا يمت له بقرابة ولا حتى انتماء.. بل نسخ الصور التقليدية السخيفة والتي تقولها الفتاة في سن السادسة لأمها حين تتغزل بها
فقالت لي أمي بلهجتها اليمنية المهجنة: إيش هذا ما يعرف يقول شعر.. جاب لي الطفش.. بقلب ها المحطة ما ابقى اسمع شعر ولا اشوف شعر طفشونا
أعتقد أن هذا رأي نقدي سديد، إنما كان على مستوى مقدرتها النقدية والذوقية، لأنها مستمعة جيدة ذات إحساس راقٍ جدًا بالجمال الشعري
وها هي اليوم تتنافر حواسها جراء سماع هذا الشعر
أقول لهؤلاء الشعراء:
قد مللنا التكرار، ومللنا السطحية والمباشرة المبتذلة في النصوص، مللنا من تشبيه وجه الفتاة بالقمر.. والحب بالنهر.. والشوق بالفضاء.. والدنيا بالعجوز.. مللنا الحكم المكررة.. والأمثال غير المجدية.. مللنا اللغة التي لا نشعر بها .. مللنا منكم..
مللنا من الشعور بالفتور أثناء القراءة ، وعدم الحصول على الدهشة .. الدهشة التي هي جمال الحياة، فالحياة المعتادة رتيبة.. والدهشة هي جمالها.. وأنتم قتلتم الدهشة وقتلتم حتى الحس الشعري.....
المنتديات تضج بالغث.. منتديات الشعر الفصيح تكاد تطفح من غثيانها.. ولا أبرئ أي موقع.. أصبحت القصيدة الجميلة في أقسام الشعر الفصيح.. معجزة.. فمن يحب أن يتأكد فليتابع 3 أيام .. فإنه لن يجد ما يرضيه أبدا... وليست المنتديات لوحدها، بل الصحافة والمسابقات ومجالس الشعر..
فهل يهدد الإنقراض الشعر الفصيح الجميل وشعراءه..؟!
الفنون جنون، والشعر ضرب من الجنون
عمتم بشعر لا (يطفّش)... تحية
زينب.....