إلى سيدي الصبر
هي أوجاعنا التي ترغمنا على الصراخ, فلولا شدة الألم ما سمعت لنا صوت أنين ولا شكوى. نعم يا سيدي لا يُدرك الألمَ إلا صاحبه وصاحبُ القلب الرحيم الذي يرأف بعباد الله.
نعم نحن نتألم كل لحظة تمر من هذا العمر الموجع حتى نهايات الألم والأسى. هل تعرف لماذا نتألم ؟ هل تدري كيف ومتى نتوجع وإلى أي مدى يصل صوت صراخنا أيها الصبر؟
نشكو إلى الله وجع رغيف الخبز الذي نركض خلف سرابه من طلوع الفجر حتى مغيب العمر دون أن نلحق ببعض رائحةٍ من تنور أكبادنا الذي يأكل أطراف قلوبنا المتورمة.
نشكو لكم يا سيدي الصبر بعد شكوانا لله وحش الوقت الذي فتح فكيه يبحث عن صغارنا ونحن نطعمه أحلامنا وأجسادهم الطرية. نعم يا سيدي لقد ربطوا رغيف الخبز في مؤخرة شبحهم وتركوا لنا سراب الركض والنحيب والذكريات الموجعة.
هل تعرف يا سيدي أن صباحنا كمسائنا الذي نشعله نور مصباح يفتت كل دخلنا حين نستفيق على فاتورة الوهم الذي نشعله ليحرقنا؟ هل جربت الوقوف يا سيدي على باب الفرن أو أمام موظف باع ذمته رغماً عنه كي يطعم صغاره قوت أولادنا؟ يا سيدي نحن عند نهاية النهار نصحو على صفعة الليل البهيم الذي نرجوه أن يستر عيوبنا فنغفو في حضن ظلامه ليفضح عهر أوجاعنا حين يأتي العيد وموسم الفرح فلا نجد لأنفسنا من ذخيرة سوى الآه.
هل حاولت يا سيدي أن تسير في شوارع صبرنا لتتعرف على وجع السنين المتراكمة على أرصفة قلوبنا؟ كيف لنا أن نتدبر قوت يومنا وبسمات أطفالنا و(خرجية) العيد. ومصروف المدرسة؟ هل بوسعنا أن نحلم بليلة مهما كان لونها في مطعم ولو بنصف نجمة؟
هل يحق لنا أن يمر الشهر دون أن نستدين من صبر الجمل صبراً؟ بتنا نخجل فلا نفتح الباب لطرقات بقال الحي أو صاحب نخوة كان عوناً لنا ذات وقت فاحتاج لنا ذات مصيبة غير أننا لم نكن عن حسن العون.
نحن على جمرتين من حالنا, الأولى تشتعل من كفٍ تصفع وجوهنا حين نطالع صحف الصباح على نبأ نروى به عطش أحلامنا المترهلة والثانية تتقد فوق رؤوسنا تحرق ما بقي من فكر.
هل نفتح بوابة الصبر التي ما عادت تتسع لمرور رأس دبوس ؟ أم أننا سنترك ضمائرنا تنام حيث نامت ضمائر بعض من ركب ظهورنا وامتطى رقابنا؟ هل نقتات بعضنا ونقطف زهر حديقة الجيران ؟
لك أيها الصبر نشكو بعد شكوانا لله, فهل سنجد عندك ما يبلسم جراحنا ويغسل غبار السنين؟ لنا أمل في ذلك.