بسم الله الرحمن الرحيم
الحق هو الشيء الثابت ، الملزم باحترامه وعدم الاعتداء عليه ،
والعدل هو الحكم بالإنصاف لإعطاء كل ذي حق حقه .
إذن فبين الحق والعدل رابطة مشتركة ، فإن كان لي حق فلابد أن أطالب أولاً بالعدل الذي هو أساس الملك ،.. وهذا هو الخطأ الذي كثيراً ما نقع فيه حين نطالب بحقوقنا عشوائياً قبل أن نطالب بما من شأنه الفصل والإنصاف .
فلو تحقق العدل لأصبح الحق أمراً بديهياً لا يحتاج أن نطالب به .
فللّه علينا حقوق ، نقصر بها حين نفقد الرؤية الصحيحة للحكم العادل على الأشياء ، ولنا على الله حقوق ، لكنه تعالى اسمه العدل ، واسمه الحق ، واسم العدل جاء قبل اسم الحق دليلاً على أن العدل هو قاعدة الحق الأساسية ،
وللوطن علينا أيضاً حقوق ، ولا ريب أننا مقصرون في هذه الحقوق رغم أن الكثير قد يختلف معي ، لكننا بالفعل قد غفلنا عن ما لهذا الوطن من أمانات في أعناقنا فصرنا نتشدق ونملء الدنيا صخباً مطالبين بحق المساواة والحرية والديمقراطية ورفع قانون الطوارئ وإلغاء التطبيع ،
بل والبعض يطالب بمحاربة الرأسمالية الفردية ورأسمالية الدولة وتطبيق الاشتراكية ومحاكمة كل مسؤول ، .. ونسينا أن قانون الله حين حكم طائفة من القوم سيدهم على الدنيا ، نسينا أننا أيضاً مسؤولين عن هذا الحال الذي وصل إليه هذا الوطن بسلبية لم يعرف لها التاريخ مثيلاً سوى سلبية أهل بغداد في مواجهة التتار.
لنضع أنفسنا الآن موضع مسؤولية ، ونحاول الحكم بالعدل علي نقطة محددة حتى لا نغرق في تفاصيل يحتاج كل منها إلى مجلدات ،
فإننا نحكم بمحاربة ومقاطعة الولايات المتحدة باعتبارها حليف قوي للعدو الصهيوني ، فهل هذا الحكم هو حكم عادل ؟
إننا حكما وزير الزراعة الأسبق بأنه مجرم حين تحالف مع الشيطان وبث لجسد هذا المجتمع أمراضاً قادرة علي الفتك به ، فهل هذا حكم عادل ؟ ..
نعم هو حكم عادل ، لكنه عدل ناقص يفتقد إلى قيمة المساواة ،
فإن ما قد يغفل عنه البعض أن المعونة الأمريكية لعام 2006 قد بلغت 495 مليون دولار منها 77 مليون دولار لتدعيم التعليم ، ..
أليس رقماً يدعوا للسخرية ؟
أيستحق هذا الرقم كل هذه التنازلات ؟
أيستحق الرضوخ إلي فرض اتفاقية المعونة لعام 2004 تدريس الثقافة الجنسية في المدارس ؟
وبعد كل هذا نقف نشجب ونندد ونحرق أعلامهم ، ثم نلتقط الأنفاس ونروي عطشنا بمياههم الغازية ...
ألسنا بأمة تلهو ؟
ألسنا بأمة تفتقد الحكم الصحيح وبالتالي لا تعرف مالها من حقوق ؟
وعلي الجانب الآخر نغفل أن دور وزارة الزراعة كان دوراً ضئيلاً بالمقارنة بما يفعله الإعلام من تحطيم القيم والمُثل وبث روح الهزيمة والمجاهرة بالجنس وقتل قيمة الحياء لنصل إلى مرحلة إن لم تستحِ فافعل ما شئت .
لهذا فنحن مسؤولون أمام الله وأمام أنفسنا عن هذا الفكر العشوائي ، وهذا التخبط ، مسؤولون عن طاقات تضيع سُدى ، مسؤولون عن ملامح غائمة تداخلت أمامنا ولم نحاول الفصل بينها للوقوف الصحيح علي معناها ، والتحرك بخطوات محسوبة علمياً .
لذا علينا الإيمان بأن عدونا شيطان جاهل يخشى العلم كما يخشى ذكر الله ولن تقوم لنا قائمة إلا بعدل الله وقوة العلم . فنحن لسنا بحاجة إلي نظام علماني ، أو نظام ثوري ..
لكننا في أمس الحاجة إلى شبابٍ مستنيرٍ متسلحٍ بالإيمان
يعرف جيداً أين العدل وأين الحق .. وأين الأشياء الأخرى.