.
-----------------------
خارج النص: مهما كانت الأحلام خرافية الأحداث، أو مستحيلة الوقوع. يبقى حلم نبحث عنه، أو يبحث هو عنا تماماً كما كنتُ أبحث عن هذه الأبعاد حتى وجدتها.. أو ربما هى التي وجدتني.
بداية أعتذر إن كنتُ قد اقتحمتُ بموضوع، لكني أولاً قرأتُ لكل قلم هنا تقريباً.... فبسم الله الهادي..
-----------------------
بالأمس.. رأيتكِ في أحلامي
***
كنا نرقص.. نعم نرقص في الشوارع كالمخمورين.
وكنت غضة، نضرة، تغار منكِ الورود التي كانت منقوشة فوق فستانكِ الوردي الفضفاض.
نعم.. كنا نرقص، رقصات مجنونة، وكأننا انفلتنا للتو من زنزانة الكبت والحرمان..
كنا نرقص.. هذا كل ما أذكره، لكني استيقظتُ وفوق ثغري ابتسامة رضا عجيبة.. تحولت بعدما تذكر بعض التفاصيل الغائمة إلى ضحكة متوارية خلف شفاهي.
ملامحكِ كانت تداعب نظراتي الخجلى في زمن الحياء المنقرض، وكنتُ لا أشعر بوزني وكأن حاذبية الأرض قد انعدمت.. فوق سطح كوكب خرافي هائماً في سديم الكون، عدد سكانه يساوي اثنان.. أنتِ وأنا، وزهرة برية.. تلمع في الفضاء البعيد.. تعكس ضربات اليأس الموجعة إلى نفحات عطف وهدوء.. وعصف بالضحكات موبوء.. وعمر جديد.
نازعتني أفكاري المشتتة، وذكرياتي المتضاربة بين دهشتي وجنوني، وسؤالي الحائر لعيون لم تراكِ إلا الآن، بينما كنتِ أمامي منذ عشر سنوات متوارية خلف قصص الحياة الماجنة، وتقارير اليأس المتوالية فوق سيفي الخشبي المتصارع وطواحين الهواء.
نعم كنا نرقص.. رغم أني لست من هواة التعبيرعن السعادة بهذا النوع من الفن الرخيص، فلماذا رأيتكِ على هذا النحو.. متمايلة مع النسمات بين يداي تارة إلى اليمين.. وأخرى إلى اليسار؟
كنتِ كالطفلة ذات الجدائل.. سابحة خلف بالونها المزركش يوم الميلاد، بينما أعالج أنا سكرات موت حياة حفَّها طمع الرجاء، ودق نفير الرحيل لها، وأعلنت الهجرة موعد الارتحال إلى غد يملؤه صوتكِ العذب، وضحكاتكِ الساحرة،
إلى مهد بين يديك يتأرجح بأضواء باهرة، إلى بوابة زمنية مسطور حروفها في دفتر المقادير بنقوش إغريقية.
بالأمس رأيتكِ في أحلامي.. واليوم أرى أحلامي متمركزة كجيش من المومياوات التي أعادت لها الحياة ترنيمة كانت محفورة لآلاف السنين فوق جدار الذكريات الرابض في قاع المحيط.
بالأمس رأيتكِ في أحلامي.. واليوم أرى أحلامي بين عينيكِ التي طالما مدت جسورها نحوي، وأنا غافلاً أمد الطرق في صحراء جدب لا يسكنها سوى الضباع والأفاعي، والأشباح الحائمة،
في ليل سرمدي.. لعهودٍ آثمة.
.