حتى لو تحققتـــ..الأُمنياتــ. !

[أسمى]

شرقت بـ دموعي كما لم يحدث ذلك منذُ فترةٍ طويلة..
"
منذُ كنت أجلس في الصف الأمامي وتنظر إلي أستاذة أمل مُبتسمة وتقول
موجهة الحديث للجميع :
لدينا في الفصل أديبات رائعات.
بـ قدر فرحتي بكلماتها بــــ قدر ما ابتلع العبرة ولاأحاول رفع رأسي.
تنظر إلي أسماء تضع يدها على كتفي
ترفع خصلات من شعري كانت على وجهي .
وتحدثني هامسة :
أبلى أمل تحدثك. ارفعي رأسك.
أشعر بعينيها والجميع تحرقني .
لاأستطيع رفع رأسي..ولا الحديث.
تناديني..
تصمت قليلاً.
تنهض من كرسيهــا.
لاأستطيع تحمل كتمان مابداخلي أكثر.
أنفجر باكية واضع رأسي على الطاولة ..
أبكي أبكي أبكي..لاشئ يستحق الكبت والكتمان .
انها تقترب من طاولتي الآن بل هي فوق رأسي تقف.
احتارت كثيرا..لاتعلم ماسبب بكائي.
وهل في شئ مما قالته جرحٌ لي أو إساءة..!
ينتهي وقت الحصة الرابعة .يعلن ذلك صوت الجرس .
تأخذ كُتبها وتنظر إلى أسماء وهي تحرك كرسيها باتجاهي.

:إذا هدأت شذى قولي لها أني أُريدها.سمعت عبارتها..
عبرت الى قلبي الصغير كــ قارب حنين لاحت لهُ أرض الأحبة من بعيد.

قالت لي أسماء:
سمعتيها؟ اذهبي الآن.

ارفع راسي اطبق جفناي .
تتساقط دمعتان مازال يستحثهما خبر وصل حديثاً إلى مسمعي.
استأذن من أستاذة اللغة العربية .
لأغسل وجهي واذهب للأستاذة أمل.
أنزل الى الطابق السفلي .
لأجدها أمامي تحادث إحدى المعلمات.
حين رأتني اقبلت نحوي.وابتسمتْ.
أمسكت بيدي إلى حيث غرفة المعلمات وسحبت كرسيا ً للخارج.بـ جانب آخر موجود مُسبقاً.
جلست وأمرتني بالجلوس.

قالت:
لن أسألك مابك..لكن أريد أن أفهم فقط
هل أزعجك كلامي في شئ.؟
حاولت حصر أفكاري في عبارتها البااااردة جدا على قلبي المنصهر ألما.
حاولت أن لاأفكر إلا بها.
لم استطع وتجمعت الدموع في عيني مُجددا.
سكتُّ قليلا ثم نظرت إليها..
انحدرت دمعة.
لم استطع منعها..
قلت:
أستاذة : ديما لن تعود.


وانخرطت في نشيج متواصل .
وكأني بها في تلك الأيام تضحك على حجم مشكلتي تقابلا لمشكلاتها وهمومها في الحياة.

لم تتكلم..هدأتُ قليلا ورفعت عيناي لأرى ردة فعلها حيال بكائي.
رأيتها ابتسمت عيناها..
قالت لي:
شذى لا شئ مما حولنا لنا القدرة على أن نمنعه ولا أن ُنُحدثه.
عزيزتي ..ربما تعود ديمـــــــا ،ولا تعود الأيام الحلوة.
:
ظهرت فوق رأسي علامة استفهام كبيرة.لم اناقشها بالرغم من اني لم افهم.
لكني حفظت كلامها عن ظهر قلب.
أستأذنتها وصعدت الى فصلي.
..


بعد ثلاث سنوات..

"
عادت ديما لكنها ليست ديما التي أعرف...أبداً.
تباعدت أفكارنا كثيراً ..
واختلفنا أكثر.
وتذكرت كلمات أستاذتي أمل .وقلت في نفسي ليتني لم أبكِ في ذلك اليوم
لتكمل أُستاذتي حديثها عن الأديبات الرائعات.

والآن..
ابتلعت العبرة ورفعتُ رأسي..اغمضت عيناي .
قٌلت هامسة : ماذا تنتظرين من العالم يا شذى..؟
سحبتُ نفساً عميقاً.. وتذكرت أُمنيتي القديمة
(..فيما لو كنتُ وُلدت قبل ثمانين عامـاً )

.