في ساعة متأخرة من الأمل ينهض عن سريره فزعاً من رؤيا أتته مثل فلق الصبح
يراوده البوح عن نفسه .. الحور لايكتم السرّ .. قال ،والضفاف قد تخبر سمّار شريعتها على سبيل العشق ومن يدري فلعل أمم الضفتين كانوا للرؤيا
لايعبرون ..
وذات فيضٍ قصّ رؤياه على عرافةٍ آن عبرته وهي تسجن في تمائمها قمراً نحاسياً لاتطلقه إلا عندما تريده أن يطلّ على خيام البدو ،غنّاه ذات يأسٍ
شاعرٌ مجنون ..تأوّلت العرافة الرؤيا فقالت:
يافرات ..هو صنوك ..ورؤياك علامةٌ تشير إلى دنوّ عصره ..
رقيّ الملامح ماأن يشبّ عن الطوق ويبلغ العقد الثالث من عمره حتى تبين أشراط إبداعه..
سيبحر بين الروح والجسد يمخر بسفين السكينة لجج الآلام
طبيباً يستشفى باسمه قبل علمه ، حتى إذا فار التنور وانشق قمر دلالته في حدق الركبان اليقطعون بيداء الأدب ومفاوزها اعترض له شيطان الكلام
فأغواه ليفشي بأسرار بنت الساحرة فما كان له من كفّارةٍ إلا أن يعصر من عوسج اللغة زيت سراجٍ لقناديل اشبيلية ..
الحبّ عنده ألوان ثلاثة ..أجملهن ..لون ٌ لأزاهير تشرين المدمّاة..
وإلى حينٍ ستقضّ مضجعه باسمة بين الدموع يكتب لها رقية عشقٍ حروفها نبض قلوبٍ على الأسلاك ليقرر في النهاية موت الحبيبة التي نذر أن يفرش
مزار ضريحها بتربة مضرجة من دم مجاهد على أبواب بيت المقدس..
انتهى كلام العرافة ..ومن وقتها والفرات منشغل بماسمع ..يتفرس وجوه عابريه وغرقاه ومن اتخذوا خيام الرمان على ضفافه صوامع تأمل للذواكر
التي ابتدعوها وما فرضها على قلوبهم ..يبحث في القسمات عن سيما صنوه إلى أن أذّن مؤذنٌ في الناس ذات مساء أن طلع نجم العجيلي..
عقود ثمانية تمر والفرات يراقب صنوه نبؤة نبؤة إلى أن وقف العجيلي ذات وفاءٍ على ضفافه وناداه أن ياأيها الفرات قد صدّقت الرؤيا ..
*((بنت الساحرة ,قناديل إشبيلية, ألوان الحب الثلاثة,أجملهن , أزاهير تشرين المدمّاة
باسمة بين الدموع , قلوب على الأسلاك , موت الحبيبة ))
عناوين مجموعات قصصية للأديب السوري الكبير عبد السلام العجيلي