قطعة من رواية أرابودس : - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
عصف ذهني حول الموت ! (الكاتـب : خالد صالح الحربي - آخر مشاركة : جليله ماجد - مشاركات : 5 - )           »          خواطر قصيرة جدا .ابتديني بمسك الختام (كلمة) .. (الكاتـب : نادية المرزوقي - مشاركات : 471 - )           »          حين تتنفس السماء من صدرك! (الكاتـب : جهاد غريب - آخر مشاركة : نادية المرزوقي - مشاركات : 2 - )           »          يَا دَارَ مَيّةَ بِالعَلْيَاءِ فَالسّنَدِ (الكاتـب : محمد بن منصور - آخر مشاركة : نادية المرزوقي - مشاركات : 3 - )           »          فقــد … (الكاتـب : محمد آل عبداللطيف - آخر مشاركة : نادية المرزوقي - مشاركات : 1 - )           »          قَمْح. (الكاتـب : عَلاَمَ - مشاركات : 1 - )           »          مأوى الأحلام. (الكاتـب : آية الرفاعي - مشاركات : 125 - )           »          فنتـــــــــــــــازيـــــــــــا! (الكاتـب : عمرو بن أحمد - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 1319 - )           »          [ دعوة لـ حضور زواج ولدي عبدالله ] (الكاتـب : صالح العرجان - آخر مشاركة : عبدالله السعيد - مشاركات : 4 - )           »          وللحديث بقيه (الكاتـب : ساره عبدالمنعم - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 94 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-04-2020, 10:03 AM   #1
عبدالعزيز التويجري
( شاعر وكاتب )

افتراضي قطعة من رواية أرابودس :




قطعة من رواية أرابودس :

لم يَبْرَحِ الشَّجنُ قلب هاردل مُذْ ذلك اليوم الذي قرأ فيه الرسالة ، وفي إحدى الليالي ذهب إلى قبر مارينا وأطال الوقوف أمامه ثم قال : ها قد وخَطَ الشَّيبُ رأسي وعارضي ولم يَزدْ حُبُّكِ إلا اضطراماً ، وإني أُقسمُ يا مارينا أنكِ أَحَبُّ نَسْمةٍ إليَّ على وجه البسيطة بعد نيرمال ، وما زلتُ مشغوفاً بكُما مُتيَّماً وإن أبلى الثَّرى مَحَاسنكُما ، لأني أحببتُ فيكما قلباً وروحاً لا جسداً .
هاكِ يدي لم أنتِ صامتة ؟ بربكِ أعيدي إلي ذكرى تلك الأيام التي كُنَّا نَجولُ فيها ، ونَسْتكشفُ مَجَاهلَ الجزيرة ، ونعدو عند الجدول الذي تعاهدنا عنده على الوفاء ، ونَقْبعُ على ضفته لتناول الطعام ؟
لقد تعاهدنا على الحُبِّ والوفاء طيلة العمر وإن نأتْ بنا الديارُ ، وشَطَّ المزارُ ، ولكن غالَكِ الرَّدى ، وتوسَّدْتِ الثَّرى ، وبقيْتُ بعدكِ تائهاً في دروب الحياة ، غُدُوِّي مع الحنين ، ورواحي مع الزفرات والأنين .
ثم أَجَالَ ناظره فلم ير إلا الأضْرحة التي تملأ المكان فقال : ما هبَّتْ نسماتُ المساءِ ، وما غرَّدت الطُّيور ، وما اكتملَ البدرُ ، وما هطلَ الغيثُ ، إلا وتفجرتْ يَنابيعُ الشَّوقِ ، وسالتْ حِممُ الحنينِ إليكِ ، ولو اجْتَمعَ جَميعُ نساءِ الدنيا في مَيْعَةِ الصِّبا ، وأتيتِ أنتِ في سن الشَّيخوخة لانصرفتُ إليكِ غير آبهٍ بسواكِ .
ثم أخذ بعض ثرى القبر وضَمَّهُ إلى صدره وقال : لقد أبْحَرْتُ في بحر حبكِ طيلة عمري ، صارعتُ أمواج الحنين ، قطعتُ محيطات الصبابة ، اجتزتُ مَفَاوزَ النَّأي ، مُيَمِّماً نحو قصر الأمل ، وبستان اللقاء ، حتى شارفتُ على مرحلة الشَّيْخُوخة وحِيْلَ بيني وبين ما أصبو إليه ، فسيَّان فراق الحياة والموت ، فكلاهما يَحْصُدُ الأرواحَ ، ويُتْلفُ الأجسادَ ، ويُرْمضُ القلوبَ ، وإن كان لفراقِ الحياةِ بَصيْصُ أملٍ تُعَلِّلُ النَّفْسَ به باللقاء .
ثم صمتَ قليلاً ورفع رأسه إلى السماء وقال : أيها الفراقُ ، أيها السَّيفُ المصْلتُ على رُؤُوسِ العبادِ ، كم أَسَلْتَ من دمْعٍ ، وأشْجَيْتَ من قلبٍ ، وأسْقمْتَ من جسدٍ ، وأتْلَفْتَ من روحٍ ، يا مُقوِّضَ خيامِ السعادة ، وهادمَ قصورِ المنى والأحلام ، ما أشدَّ وطْأَتَكَ ، وأنْكَى طَعْنَتَك .
تَجُولُ بين الناس التي فرَّقْتَ شملها ، وتَتَبَخْتَرُ بين القلوب التي أحرقتها وأنهكتها ، وأنتَ آمنٌ من أن تُصَابَ أو يُقَادَ منك .
الويل لكَ ! ألا رحمتَ الأعيُنَ الواكفةَ ، والقلوبَ الواجفةَ التي وُسمَتْ بميْسَمكَ ، والأكبادَ المحترقةَ التي شكَّها سَهْمُكَ ، فتَكفَّ ، وتَتَنكَّبَ ، وتنْشَمِرَ ، فعلى من أسْتَعْديكَ ؟ وأنتَ نَذيرُ الموتِ ، ورداءُ السَّقمِ ، وقَرينُ الشَّجنِ ، وأغلالُ الجحيمِ ، وأصْفَادُ العذابِ ، وبَيْداءُ الضَّياعِ ، وصَعيْدُ الجَفَافِ ، وفَارسُ الوغى الذي لا يَرْحَمُ ولا يَعْطف .
انظرْ أي جَمْعٍ لم تُفَرِّقْه ، وأي بيتٍ لم تَلجْه ، وأي قلبٍ لم تُشْجه ، فبِمَ تُرْزأُ أيها الفراقُ لتَعْلمَ ما يُكابدُه من ألْقَيْتَ عليه بكَلْكَلك ؟
قد آذيتني أيها الفراق ، وآلمتني ، وأشجيتني ، وأنهكتني ، ولكني ثابتٌ لا أتزعزعُ ، وصامدٌ لا أنحني ، وإن أخذتَ مني أمَّاً وأباً ، وحُلْتَ بيني وبين حبيبةٍ استحوذتْ على شغاف قلبي مُنْذُ صِغَري ، كنتُ أَتَمنَّى قربها والاقتران بها ، وأحباباً كانوا لي سلوة وسعادة ، فأنْهِكْ قلبي ، وأدْنِفْ جسدي ، وأحْرِقْ عروقي فلن أتَضَعْضَعَ لك ، ولن ألِينَ وأسْتَكيْنَ ، وإن فرَّقْتَ بين روحي وجسدي .

 

التوقيع



twitter : @arabods

عبدالعزيز التويجري غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بين الفكرة والأسلوب ..كيف تكتب رواية جيدة إبراهيم امين مؤمن أبعاد النقد 12 01-28-2020 12:18 AM
تعليق حول رواية أنتيخريستوس عامر بن محمد أبعاد العام 8 12-01-2019 12:57 AM
رواية كاملة بقلمي بعنوان ......رجل بدون ملامح..... حسن التازي أبعاد القصة والرواية 6 09-29-2018 03:29 PM
الموتُ في وهران رواية للحبيب السايح سارة النمس أبعاد النقد 7 04-17-2014 04:25 PM


الساعة الآن 04:16 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.