دعاني بجوف الليل فيضٌ من الشعرِ
وَهَبْتُ له فكري ،، وسلَّمْتُهُ أمري
وراح يبثُّ الهمَّ في كلِّ فكرةٍ
ويحطبُ من صدري ويأكل من تمري
ويرتاح في عيني ويسلبُ نورَها
ويُشعل أوجاعي فأكوَى من الجمرِ
يُثبِّتُني في حالِ ضيقٍ منغِّص ٍ
كضيق الذي يبكي مِنَ القيدِ والأسرِ
أحاول أن أسلو مع الناس ليلة
ولكنني عن معزل الناس لي عذري
تبصَّرْتُ في الدنيا وفي كل حالها
إلى أنْ خشيتُ الغدرَ من عالم الغدرِ
ألا ليتني فيها أنَعَّمُ ساعةً
وليت الذي يهوى ملامي يرى صبري
أتيتُ لها غرًّا صغيرًا وطائشًا
فداهمني ليلٌ شديد ٌعلى الغِرِّ
تهدَّم فيها الركنُ وارتعْتُ بعدها
فساهم هدمُ الركن في نشأة العُسْرِ
وأوغلَ في جسمي وأوسعَ جرحه
وعاش معي وامتدّ في داخل الجذرِ
وزهّدني في كلِّ شيءٍ أحبُّه
وفي ترك ما أهوى وفي بيع ما أشري
وأقسم ليلُ الأنس أن لا يزورني
وأثّر في نفسي وبالغ في شطري
وأقنعَ أيامي بأنّ سعادتي
تباعد بعد الشمس عن موقع البدرِ
وأصبحتُ لا ألقى مع الليل غفوةً
وأصبح شؤمي مثل عمري الذي يجري
تهدم ركن البيت ، والبيت دونه
يعيش بلا روح كمن مات في القبرِ
فيالك من دهر بخيل وطبعه
على كل قلب طاب تبلوه بالكسرِ
وفي كل أمرٍ زان تثبت دونه
وفي كل شبرٍ تصنع الهم بالشبرِ
وفي كل غيمٍ تمنع الغيم صبه
وحتى مع الأنهار شوَّهْتَ لي نهري
ألا ليتني أغفو قليلا وليتني
إذا شان دهري أخلع الحزن عن دهري
ولكنه دهر طويل ورحلتي
به تستفزُّ العمرَ في رحلة العمرِ
متى ينقضي سفري وما أنا خاسرٌ
سِوَى كومة الأحزان تشرب من صبري
كبرتُ فأبصرتُ الذي كنتُ جاهلاً
ولاقيتُ ما أخشاه سقمًا ولا يبري
فأيقظتِ الآلامُ ليلي فعفتُه
وأقعدني حظي يباسًا بلا بحرِ
#عيادة_خليل