(قصة قصيرة أخرى)
قبل مايقارب العام من الآن تحدث معي شخص يعبّر عن أسفه واعتذاره عن كل مابدر منه من خطايا السنين وطوامها عليّ وعلى من هم أهم مني وأفصل بلا مقارنة ، والله العظيم لم أصدقه من البداية لمعرفتي بمدى خبثه ، وتكرار غدره ومكره الدائم ، وأنه كائن أناني لايحب إلا نفسه فقط وحتى من يربطهم به علاقة نسب لايحبهم إلا لانتمائهم إليه ففط .
مشيت معه لأستكشف ما أنا موقن به ، ولكن لأبرر لنفسي قطيعته القادمة والتي لايمكن أن أجعل مكانًا لقطرة من مشاعر تتسامح أو تلين . كنت كلما نظرت لوجهه مر شريط عمر لذكريات مريرة ثقيلة الوطأة ، قاتمة السوء .
التمثيل والمكر كان سيد الموقف مع كثير من اكتشافي لشخصيته المليئة بالتفاهة ، وانعدام الرجولة لدرجة أني لم أكتشفها سوءها قبل ذلك .
لم تكن تلك الهالة التي اخترعوها لمن يسومهم سوء العذاب الآن إلا كذبة وتكبير صغير ، وتأليه لعبد منغمس في أمور الجن والشعوذة ، وتصديق من هب ودب المهم أن يكون هذا الدب والهب ليس من أخوته وليسا والداه ومايتعلق بهم . صحيح أن المال يغير النفوس كما قيل فيجعل النفوس الراقية محبة لأعمال الخير بدءًا بالمقربين ثم الأبعد ، ويجعل صاحبة أكثر تواضعًا في تعامله مع الغير . أو سيغير المال النفوس الخربة ليجعلها متكارهة تبغض بعضها بعضًا لنيل المقدار الأكبر من المال ، والعقار ، بل وربما حفر الأخ لأخيه المزالق وأساء لسمعته عند الآخرين بما يجعله يبدو شيطانًا ليكسب هو .
هذا الشخص كان كثير الغيبة بكلمات سفيهة على أخواته البنات وبناتهن ، وكان لجوجًا في طلب المال دون وجه حق ولايرده ، بل كان كاذبًا متمردًا على الكذب لينال بغيته . كان إذا اشتط شتم النساء بكلمات يجلد عليها حدًا . كان يبذل الجهد حتى يرعب أخيه المعاق ذهنيًا ، الذي يعاني من صعوبة حركته . هذا الشخص في رحلتي الأخيرة معه حتى يتوافانا الله أو أحدنا لم تكن لأجل الإمساك بإداة كي المداوي لأجعل آخر العلاج في طبه ، وقد عالجت نفسي بمشيئة الله من أن أعطيه فرصة بعد الأخيرة فقد كانت الفرصة تلو الأخرى مستمرة من عقود متتالية من الزمن . أصبح الكثيرون يمطرونه بالدعوات في صلواتهم التي تهجم عليها مرة بأنها لن تصل السحاب ، ولكنه لم يعي قوله تعالى : ﴿ أيحسب ألم يره أحد ﴾ وقوله سبحانه العدل : ﴿ أيحسب ألن يقدر عليه أحد ﴾ وإني والله لأرى انتقام الله منه قادم في الطريق إليه بسرعة جارفة ، قال سبحانه : ﴿ أيحسب الإنسان أن يُترك سدى ﴾ وقال في محكم تنزيله : ﴿ أتى أمر الله فلا تستجعلوه ﴾ .
جزءٌ من المأساة المنمقة