بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
هذا بلاغٌ للناس و معذرة إلى الله ..
ـ ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ـ .. آمين
بداية ..
حين قام أحد مصانع الأحذية بكتابة اسم محمَّد على أحذيتهم قامت الدنيا و لم تقعد لمجرد اسم .
و حين قام بعض رسامي الكاريكاتير الدنماركيين برسم شخصية تعبِّر عن المسلمين من وجهة نظرهم و أطلقوا عليها اسم محمَّد قامت الدنيا و لم تقعد .. و أنا أُجزم أنهم لم يرسموا نبينا الكريم صلى الله عليه و سلم لسبب بسيط و هو أنهم لا يعرفونه .. فإذا أساؤوا لشيء فهم أساؤوا لمجرد اسم .
و حين طلبت معلمة بريطانية من تلامذتها في السودان بالتصويت لاختيار اسم يطلقونه على دمية ـ دب ـ و بما أن التلاميذ ينتمون لدولة إسلامية و الأطفال في تلك الدول يرضعون حب الرسول مع حليب أمهاتهم ، فقد اتفقوا على اسم محمد ، فقامت الدنيا و لم تقعد لمجرد اسم .
:
و هنا لابد لنا من أن نسأل أنفسنا سؤالاً مهمَّاً : لماذا ثارت ثائرة المسلمين لمجرد اسم ؟
و الجواب بكل بساطة : لأن الأسماء ليست مجرد كلمات عشوائية ليس لها قيمة .
بل للأسماء قيمة اجتماعية و تاريخية و دينية و معنوية .
و لهذا طلب الرسول عليه الصلاة و السلام من بعض من أسلموا أن يغيِّروا أسماءهم التي تسمُّوا بها في الجاهلية .
و في الحديث ..
1 / قال صلى الله عليه و سلم : إن لي خمسة أسماء، أنا محمد ، و أنا أحمد، و أنا الحاشر ؛ الذي يحشر الناس على قدمي، و أنا الماحي ؛ الذي يمحو الله بي الكفر، و أنا العاقب
الراوي:جبير بن مطعم - المحدث:السيوطي- المصدر:الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم:2437
خلاصة حكم المحدث: صحيح
2 / و قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تُسَمُّونَهُمْ مُحَمَّدًا ثُمَّ تَشْتِمُونَهُمْ . (حديث مرفوع)
3 / و قال : إذا سميتم الولد محمدا فأكرموه ، و أوسعوا له في المجلس ، ولا تقبحوا له وجها
الراوي:علي بن أبي طالب - المحدث:السيوطي- المصدر:الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم:706
خلاصة حكم المحدث: ضعيف
و قد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال .
قلب الموضوع ..
و لنعُد إلى الحوادث الـ 3 السابقة ..
فقد تلاحظون معي أن جميعها حصلت من غير المسلمين و على الرغم من ذلك ثار المسلمون لكرامة اسم محمد لأنه اسم نبيهم صلى الله عليه و سلم .
و في المقابل نرى ما يحدث في الوقت الحاضر و هو أمرٌ غريب يحتار له ذو العقل .
فكأنما و في لحظة واحدة اتفق معظم الناس على شيء واحد ..
ـــ على من بدأ تلك المهزلة من الله ما يستحق ( ومن سن في الإسلام سنة سيئة ، فعمل بها بعده ، كُتب عليه مثل وزر من عمل بها ، ولا ينقص من أوزارهم شيء ) ـــ
فــ يكفي أن تتواجد بأي مكان خارج منزلك حتى يقشعر جسدك و تشعر بالمرض ..
فلا تكاد تمر دقيقة حتى تسمع .. محمد ما في جزمة مقاس أكبر ؟ محمد فين طلب حقي ؟ محمد تعال نظف طاولة ! .. محمد بسرعة ! .. محمد .. محمد .. محمد
و إذا نظرت لمن يطلقون عليه هذا الاسم الكريم لرأيت الهندوسي و الفلبيني و البنغالي و غير ذلك .
ليس اعتراضي على الجنسية بل أوردت ذلك لأنه قد يكون الشخص من ديانة غير الإسلام ، بل حتى لو كان عربياً فربما يكون غير مسلم .
و ما يؤلمني أن الإساءة لم تصدر من شخص غير مسلم ، فكفى بالكفر إثماً ، بل من أبناء الإسلام .. فأقف مشدوهة أتساءل : أليس منكم رجلٌ رشيد .
فها قد أصبح الاسم المشترك لعمَّال النظافة و ماسحي السيارات و سائقي التكاسي و البائعين " محمَّد " و كأنه أصبح رمزاً لتلك الفئة .. و الأدهى و الأمَّر أن بعضهم غير مسلم ، فبعضهم مسيحي و البعض بوذي و غير ذلك من الأديان السماوية و غير السماوية .
و إن قال قائل : أليسوا بشراً ؟
أقول : طبعاً هم بشر و قد يكونون خير مني عند الله ـ إن كانوا مسلمين ـ و لكن ما رأيك لنقم بتجربة بسيطة و هي أن تُطلق اسم والدك على تلك الفئة ..
لماذا غضبت لوالدك و لم تغضب لرسولك و شفيعك يوم القيامة ؟
خاتمة ..
أسألكم بالله هل شاهدتم يوماً أو سمعتم ذات مرة بأصحاب دين يطلقون اسم نبيهم على من يعملون لديهم ؟
هل سمعتم عن مسيحي ينادي حارس منزله بعيسى أو جيسوس ؟
هل سمعتم عن يهودي يطلق على ماسح أحذيته موسى أو موشي ؟
أو حتى هندوسي ينادي جامع الزبالة بـ غاندي ـ علماً أن غاندي ليس بنبي لديهم بل مجرد رجل يقدرونه ـ ؟
قد يحتج البعض بأن اسم محمد ورد في الجاهلية و أقول ..
قَالَ عِيَاض : وَإِنَّمَا تَسَمَّى بَعْضُ الْعَرَب مُحَمَّدًا قُرْب مِيلَاده لِمَا سَمِعُوا مِنْ الْكُهَّان وَالأَحْبَار أَنَّ نَبِيًّا سَيُبْعَثُ فِي ذَلِكَ الزَّمَان يُسَمَّى مُحَمَّدًا فَرَجُوا أَنْ يَكُونُوا هُمْ فَسَمَّوْا أَبْنَاءَهُمْ بِذَلِكَ , قَالَ : وَهُمْ سِتَّة لا سَابِع لَهُمْ .
أي أن آباءهم سموهم محمَّداً لأنهم تمنُّوا أن يكون ابناً لهم هو النبي المنتظر و يحصل بذلك على الرفعة و الشرف .
إذن ..
هل سننصف رسولنا منَّا ؟
هامش ..
عندما كانت أختي تقف أمام أحد المطاعم للوجبات السريعة جاءت امرأة ضخمة و صاحت و هي غاضبة عندما رأت البائع الفلبيني يعطي واحدة من أبناء بلده طلبها بينما المرأة تسبقها في الدور : ليش يا محمد ؟ مافي دور ؟
عندها تحدثت أختي و قالت لها : لا تناديه محمد ، ما تشوفيه فلبيني يعني ممكن يكون مو مسلم .
صاحت المرأة : لكان شو أناديه ؟
أجابت أختي : قولي لو سمحت .. بليز .. يا مستر ........
و عندما حكت لي أختي القصة قلتلها : و الله إنك شجاعة لو أنا كان خفت منها 