عاطفة الحيتان

[عبدالله الراشد]

الحيتان حيوانات بحرية متوحشة تعشق أكل اللحوم , في العالم يوجد أكثر من 80 نوعا منها , تملك عاطفة كبيرة تتواصل من خلالها مع محيطها « البحري» رغم ضخامتها إلا أنها تملك قلوبا رقيقة , تغني كلما أحست بالحنان او الغضب او « غليان الضغط وارتفاع مستوى السكر» , كائنات شأنها شأن غيرها من خلق العزيز الباري الا انها بقلوب رحيمة لا يحملها غالبية البشر.
• صوتها يزخر بالصدق, أغانيها لا تخلو من الحب, رغم كونها حادة جدا الا أنها ذات نغمات غير محدودة ليس فقط من طبقة الصوت ولكن من حيث نمطية العاطفة ونوعها او مزاجها .
• يفسر قفز الحيتان ثم عودتها الى الماء على انها حركة دورية لإزالة العالق من الصدف على جوانبها الملساء لكن النظرية العلمية الأكثر قبولا هي الأبسط دائما والمنطقية , الحيتان تقوم بذلك حبا بالمتعة ولكي تلعب وتظهر مقدرتها وسعادتها للآخرين.
• كمال حنان هذه الحيوانات في طريقة صيدها الحنونة , ففي الغالب تكلف كل أسرة من الحيتان اثنان منها لكي يقومان بنفخ الهواء من فتحات أنفهما لعمل اسطوانه من الفقعات على شكل شبكة لحبس الأسماك الصغيرة داخل حاجز الفقعات ,الحوتان المسؤولان عن « تأمين لقمة عيش الحيتان يعتمدان على السرعة في التفافهما وسرعة دخول الفقعات داخل الأسطوانه فيما يفتحان أفواهما للحد الأقصى لابتلاع كل الأسماك المحبوسة في شبكة الفقعات ويكون من نصيب كل حوت في الوجبة الواحدة مايوازي الطن والنصف .
•الحوت الأم تغني لأطفالها لكي تشجعها على السباحة باتقان في الماء وهي تلد صغارها على عمق كبير تحت الماء والتحدي الأول الذي تواجهه الأم بعد الولادة هو دفع كل طفل وليد « الحتحوت الصغنن» بأنفها الى السطح حتى يسحب أول نفس له من الهواء ,
العلماء والباحثون في شؤون علوم البحار يقولون بان كل عالم منهم يشاهد السلوك التربوي للأم الحوت لا يستطيع نسيان الأغنية التي تصاحب الأم خلال قيامها بعملية التنفس الأولى لأبنائها !!.
• نحن صورة كربونية من عالم الحيتان منا من هو بقدر السمكة الصغيرة التي تكتفي بالاختباء بعيدا عن أعين القروش والهوامير , و من هو أشبه بالرخويات البحرية والكائنات السطلعونية التي لا تأتي الا بالإحباطات وسحب الهمم والعزائم تجاه الاسفل وتكون بلا قيمة ووجودها في الحياة كالصفر المكتوب في خانة الشمال.
• يجدر بنا ترك السمات» الحيوانية « للأسماك , عاطفة الحيتان نموذج تربوي يدفعنا للتعاطي مع فكرة التواصل الإيجابي مع كل المحيطين بنا . غنوا للحياة غناء سلام دائم غناء مباحا لا يخلو من الحب العذري الطاهر والصدق في التعبير عن المشاعر , تهادوا كلمات العشق والهوى فحياة بلا عاطفة أبوية وأخوية وعاطفية لا طعم لها وحب في غير مرضاة الله لا يأتي الا بالهم والغم وسهر الليالي و « تبقق العيون»
• رب كلمة تهوي على قلب امرأة من زوجها المتناسي لكينونتها وأنوثتها لتحولها الى صدارة المغرمين بعد ان كانت لا تجد من بعلها ما يداعب خلجاتها وثناياها . رب كلمة تخرج من فم أب غافل أهمل الولد والتلد وأعاد الحياة والأمل لابنه بمناداته « يا خلف طوايفي « او يا عيني او أي عبارة نغني من خلالها للعشق وتغنينا بمنتهى العذوبة , رب أخوين لا يكونان غريمين في حياتهما وتجمعها روابط العاطفة قبل الدم والنسب .
لنكن على بصيرة
•لاحظت دراسة للدكتور عوض الردادي ازدياد عدد الإناث ( الزوجات ــ البنات ) المحكوم عليهن بالسجن في المجتمع السعودي لارتكابهن أفعال جنائية محرمة ( أخلاقية ــ مخدرات ــ مسكرات ــ سرقة ــ قتل ) مما يبرهن على الخلل والقصور بوظيفة الأسرة التي تعد النواة الرئيسة في المجتمع ، فقد بلغ عدد النساء الموقوفات في مؤسسات رعاية الفتيات في عام 1421هـ فقط ( 938 ) امرأة وفي سجون النساء ( 193) امرأة وهذا دليل ضمني على ان الحرمان العاطفي هو من يتسيد الموقف في السواد الأعظم من البيوت .
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
نشرت في جريدة اليوم
الجمعه 15/1/1431