[ مجرد فضفضة ..
حروف أرهقتني حتى كتبتها .. ]
.
.
وأصبح فؤادي فارغاً كأم موسى ..
لذا أصبحت كل الأمور باهتة ، كل الأمور كالبياض والسواد ، كالنعم و الـ لا .. لا مجال لشيء سوى التقاطع ..
صاحبي ..
وأصبح الجوع كحيوان مسعور ينهش لحمي ، ويحطم عظمي .. يغتالني رغم الجراح التي سبق وأن اختطت في جسدي ، وهكذا أصبحت كطريق للعابرين ..
حتى أتى من بعيد ، وأتت معه الأنسام التي افتقدتها منذ أن غادرت رحاب الطفولة ..
أتى وفي يمينه بلسم شافٍ ، وفي وجهه ألق وضياء ، ومن حوله عبق الروائح الزكية ..
أتى ليمسح بيده مظاهر البؤس والشقاء ، والألم والذنب ..
أتى ليؤكد معنى أن تكون عبداً لله سبحانه ، والذي من خلاله تعلم معنى أن تكون حراً ، لا تابعاً لأحد ، ولا مستسلماً لأحد ..
أتى وهو يعلم أنه راحل ..
أتى وهو يعلم أنه ماضٍ وعابر ..
أتى وقلبي يخفق بشدة كعادته عندما يعلم بقرب أمر لا يرغبه ..
عندما يعلم بأن هناك أموراً تحدث رغم كرهه ، ومدافعته لها ، لكنها لا بد أن تحدث لذا أنطوي ، وفيني أنفس تُجرح ، وتقتل ، وفيني أدمع تقتات من خدٍ وتسقط ..
فيني تضاد ، وترادف .. فيني تسكن كل مشاعر لم يقدر أصحابها على إخراجها ..
فيني كهوف لم تكتشف ، وطرق لم تعبد ، وبدايات لم تنتهي ، ونهايات لمّا تستقر ..
فيني كل هذا ، وتأتي أنت بكل عفوية لتثير العواصف ، وتدك الأرض ليخرج ماء الطهر ، ويغمر جنبات المكان ، فتفيض الأودية بالماء ، و تمتلئ الشعاب .. عندها يعشوشب القلب ، ويزهر .. هكذا أنت دائماً تترك كل شيء تمر به حديقة غناء يفوح فيها أريج الحب ، وتصدح المشاعر بأجمل الأنغام ..
هكذا أنت دائماً تنشر الدفء وتعيد للألوان جدتها ، ونضارتها ..
لا زال قلبي يخفق بشدة ، لأن رحيلك قد أزف ، ولأن يوم الوداع عندما يُحدد ، فإن المرء لا ينفك يعيش الأيام التي تسبقه في حزن ، وألم ، وشعور يبعث على البكاء ..
أخجل من نفسي عندما أذكر البكاء ، لكن مهما كان الشخص ، ومهما كان مركزه .. لا بد أن يمر ببوابة البكاء قصر الزمن أم طال .. فالبكاء شعور صادق .. وعلاج لمن يتألم لكنه لا يستطيع البوح ..
و هذا أنا أتألم لفراقك ، ولتسارع الأيام حتى كأن لم نكن بالأمس نرحب بك ، ونهنئ أنفسنا بمقدمك .. كأننا غفلنا عنك فرأيت أن ترتحل .. وحدك يدرك قيمة نفسه ..
**