طوفان الملح ..

أكره الطرق .. فهي محسوبة الزمن والخطوات ...
أشتاق لمظلة .. تحملني ... بلا إشارات مرور ..
أبقى بعيداً عن أناسٍ يتحركون .. بحساباتٍ .. متعبة ..
أنحشر بأسراب الطيور ... لتُحدثني ... عن هجرة ... لاينقصها الولاء ..
وأطرق زجاجات نوافذ الطائرات ساخرة ...
واسأل المسافرين بأي ولاءٍ هاجروا ؟!
هل تشعر معي .. بسعي السماء ..
تحسس عتبات قلبك .. وتفقد خُطا الأرواح ..
الطفيف قبل العميق منها ...
وأقطف أصواتهم .. بحرص .. لنحصيها ..
ولنؤقت ساعات النبض .. وننتظر ..
صدّقني ستطل سماء الذكريات ..
وسنراها تطوف على قلوب المحبين .. تُعلق أجراس الغمام .. على صدور أبوابهم..
توصي يديّ الحنين .. بقرعها .. ليطير سرب المطر ...
وينهض برق الدمع باكراً .. غير آبهاً لـ لحاف الجفن ..
والرعد .. شيخٌ وقور كل شيءٍ فيه قد هرم..
إلا هزيم صوته .. يسقي المحاريب .. بقبلة قلوبنا ..
وتنمو شطر الله ...
تعلم الحُب يُعلّمنا أن نرمي عيوننا خارج حدود البصر
وأن نتعلم الخروج علينا باكراً ..وركل قداسة الحدود لكل الأشياء
وإطارها الذي وُجدت به وله ..
نستطيع مد أيادينا للسماء .. لندُسها بصدورنا خفية ..
ونصنع قلوباً بتفاصيل الغيم .. ونتركها تُمطر ..
نستطيع مناداة البحر .. ليركض ناحيتنا
ونهديه زوارق قلوبنا ...
ونُحسن الظن .. بموجه ...ونكيد الريح
نرسم الأنهار كما شريانٍ ووريد ..
نسرق النايات .. ونُبعث مع سرب الحمائم ..
نشدو .. فتسقط بذرة القلب ..
ولايعنينا أي ربوةٍ ستنهض بها ...
وأي عين غمامٍ تسقط برعاية طلّها عليها قبل وابلها ...
علّمنا أن نُعلّق أصوات من نحب كأقراطٍ
نحفظ روائحهم في زجاجات العطر ..
نصنع من آهاتهم إعصارٌ غاضب
ومن ضحكاتهم فراشاتٌ ملوّنة ..
توقيت ساعتنا نبضهم
ومؤشر البرد والدفء والإنصهار طقوس أنفاسهم
نُقيّد دوران الأرض على وقع خُطاهم ..
نُعلق القمر بعين والشمس بعين .. ولاضير إن جاء الليل والنهار صُحبة ...
ومن صمتهم صحراء .. ومن أحاديثهم نجمٌ يُهتدى به ...
ومن بكائهم طوفان الملح .. ومن رضاهم الجُزر ...
وأن لافائدة من ستائر المكابرة .. إذا زمهرير الفراق
يصفق بنوافذنا .. والتي علّقنا وجوهنا على شرفاتها ..
بأمل أن نستردها حين يلوّحون بالوصول ..
علّمنا أن كف الأماكن مشارط ..
تُجيد نكأ الجرح ..
كما يُجيد بلاط الوحدة ..
الجهر بصوت الدمع .. وينسى أنه عورة الروح..
علّمنا أن الأرقام ألغام .. فمذ بدأ العد في الحُب
سينتهي كل شي ..
وأن المقاسات فضفضاة كالضباب ..
وأن الهندسة لاعلاقة لها بالشاهق منه
فقط كل ماعلينا أن نسدل الجفن وترتفع حضاراته من غير مهد أرض ولاسقف سماء ..