!
!
!
إِنَ مِمَا لا شَك فِيهِ أَن مِهنةَ التَعليم هِي مِن أَسمَى المِهَن وأَجَلها..
هِي الدَعَامة الأَسَاسيِة فِي نُهوض المُجتَمعَات وَرُقيها عَلى الإِطلاق ..
فَـ من مُنطَلق ذَلك .. يَتَبادر إِليّ الحَديث عَن المُعلم ..
ذَلك الكَائن الذِي قَد يَكون لا حَول لَه ولا قُوة ..
فِي أَن يَكون حَاملاً تِلك المَهمَة كَـ مَهمة شَاقة .. أَكثر مِِن كَونِها مَهَمة شَيّقَة ..
فَقَد يَحمِلُها بـ عَزم .. يَنقُش بـ طولِ صَبره و عُمق بَصيرتِه خُطوطاً مِن أَمل ..
يُعلقُها عَلى عَاتِق طُُلابٍ مَجُهولُي السِمات والتَطلعات .. مُتطلعاً إلِى التَوفيق مِن الله سُبحَانَه وتَعالى فِي ذَلك .. بَاحِثاً عَن بَيَادِر النَجَاح لَديهم ..
!
وَعَلَى النَقيض الأَخر .. نَجِد صِنفاً مِن المُعَلِمين لا تَصنيف لَهم فِي العِلم ..
يَحمل كُل وَاحد مِنهم مَا أُوكِل إليه .. بِـ ِإِستِياءٍ وَكَسل مُتضَاعِفيّن .. ذَلك عَائد إلِى مَعَايير يَقَظةِ ضَميره الشِبه نَائم .. يَتَفَنن فِي رَسمِ أَيقُونَات اليّأس عَلى أَوجِه طُلابٍ لا حَول لَهم بِه ولا ذَنب .. يَظنُهم أَغَبياء .. بُؤسَاء .. لا أَمال لَهم ولا طُموحَات .. ذلك مِن وجه نَظَره الـ لا مَنْظُورَه .. وهُم الذين أتوا بِـ كُل مَا أَودَع اللهُ فِيهم مِن عزيمةٍ .. لـ بُلُوغٍ أَسمَى المَرَاتِب..
!
وَمِمَا يَترتب عَلى ذَلك .. تَقهقرٌ فِي مًستوى التَعليِم وَ مُستَوى المُتعلِم ..
أَمَا هَذا المُعلِم فَلا مُستَوى يَليق بِه سِوى جُلوسه فِي بيته .. لـ يَفسِح المَجَال أََماَم غَيره مِن المُعلميِن .. الذِين لا زَالُوا فِي قَائِمَة الإِنتِظَار مُنذُ عَاميّن مِن الصَبر وَ أَكثَر ..
هذا النَوع مِن المُعلمين يَحمِلون عَلى أَعنَاقِهم أَوزَار إِنحِسَار مُستَويَات الإِبدَاع .. وَتَلاشِي دَلالاتِه وَمَفَاهِيمِه وأَساسياتِه التِي بِتنَا لا نَعيها مُطلقاُ ..
فَـ الإِبداع غَدت كَلمة مُنتظرة التطبيق مُتأملة التَحقِيق .. لا نَلفظُهَا إلا لِـ وَصفِ مُنجَزَات الغَيّر فَقَط ..!!
!
لِنَعود قَليلاً لِمَن يَستَحِق حَقَاً أَن نُسلِط عَلِيه الومَضات بِإمضَاءَاتٍ مِن الإِعتِراف بـ الفَضل والجَميل قَبل كُل شِيّ .. إِنَه ذَلك المُعلم الذِي يَستَيقظ أَمَله بِطُلابِه مَع إستِيقَاظ شَمسِ كُل صَبَاح ..
شُغله الشَاغِل .. كَيف يُقَدِم مَا لَديه مِن العِلم بـ أَسهَلِ الطُُرق والوَسَائِل إلى أَذهَان طُلابه؟ .. وَكَيف يَأخذ بِأَيديِهم البَيَضَاء كَـ أَورَاق كُرَاسَاتِهم ؟.. إلى صُعود غَيم طُموحَاتِهم وَقَطف عَنَاقيد أَمَالهم.. وكَيف يَسمو بِهم إِلى سَمَاء التَفَوق وَالنَجَاح دَائِماً؟..
فَيرتَقِي بِهم وََيَرتَقُون بِه ..
!
إِنَ هَذا المُعلم بِـ إختصار .. شَمس سَاطِعة فِي كَبد السَمَاء .. أَجيّال تَنمُو بَين يَدَيّه صُعُودَاً نَحو مُستقبل زَاهِر .. لا يَكَل مِن الكَلام .. ولا يَبخَل مِن تَقدِيم العَطَاء المُتَجدد ..
تَرَاه يَمسَح جَبِينَه بَعد جُهده الذِي بَذَله لـ يُواصِل عَطَاءه بـ وجدَان مُنفَتِح وَقَلبٍ صَادِق ,
لـ يَبعَث فِي طُلابِه الأَمَل بـِ بَسمَتِه التِي يَختَلِقها رُغم مُعَانَاتِه
!
هَذا هو المُعلم الحَق حَقَاًً .. وَالذِي يَستَحق منِا أن نَقِف قَليلاً لِـ نُتَفَكّر فِيما يَحصد مِن تَعب .. جَرا تَأديته أَمَانةَ التَعليم بـ الشَكل المَطَلوب .. هَذا المُعلم يُعاني مِن ذَات التَعب كُل عَام .. يَغلق صَفَحات كِتَاب سَنة مَاضِية لَـ يَفتَح بِها صَفَحَات كِتَاب سَنَة جَديدَة ..
فـ يَتَكاثر ويكبر هَم مَهَمَة التَعليم كُل سَنة وَمَع كُل جِيل .. كَما تتكاثر شُعيرات الشَيب فِي رَأسِه .. يَعيش ذَات التَعب كُل لَيلَة بِرُوحِه الصَبُورَةِ البَيّضَاء .. كَـ بَيَاض السَبّورَه التِي سَتَظل تَذكُر ما خَطه قَلمه عَليها طَالما سَقَاها العِلم بِه ..
!
لازِلت أَتَذكر صَدى تَمتَمَة مُعلمَتِي ذَات يَوم :
((نَحن المُعذَبون فِي الأَرض ))
فَتَمتَمَتْ دواخِل نَفسِي : وَلَكِنَكُم أَنتُم الفَائِزُون بـ الأَجر والثواب مَع كُل صَبَاح ..!!
هَمس
!