يوم أنِسَ الهَجر أن يستوحش في مطلع البدايات , كانت كمنجة الشَّوق تستفزّ الجَوَى , فماج الذَّرف مستخلصا ً من شفق الإنتظار مراسيم , وما وعدنا وتر الأغنيات بالمجيء !
سَحَب من عُمره سطرا ً باهتا ً تلعقه مسمّيات غريبة في خِلده , فنأى أن تسجد لبنات أفكاره الفراغات وسدّ حاجَة الجوع في نواقص حزنه , يوم أن غابَ طيفها وهو يستذكر من رحيق إنتهائها وسعة المَدى , ورقصات الورود المنتشية التي فاح من نسيمها عبارات الأحلام , كان وحده يستلهم من صدى صوتها مظانّ تليق بحجم أناقتها وهي حاضرة , وجاء وعيد غيابها في أوج الحاجة لمغانم يبتلع بها نشوة إنهراقه في البعد الأليم , كلّ مسامات الشَّوق التي ترتعش في يديّ الحاجة تمسّ نداءات عقيمة , حالها : هيهات أن تعود فينا جوقة الأمنيات !
وكان الصوت المنظَّم في رفوف حلقها يستجدي حدائق فارهة التَّوق لعينيَّ حين بكاء , كالغابة المزدان بريقها تُفلح في سدّ ثُلم الجبين الحائر , وتغدوا والعمر خانع لسطوة النَّحيب مليكة حُسن فائقة الأنوثة !
عُدنا يا بحر نكنس الشاطيء بعبارات السَّلام , ونعطي المارَّة رسائل الرَّحيل , ونركض في موج عاثر يفتِّت آخر الحظ المركون ونستعجل علينا غدوة التَّفكير الآخر : الذي يعطي منزلة ساحرة لماض كسيح !
فأيّنا يستقبلُنا حين تصيح نوافذنا المغلقة .؟ ونعلن بقدرة تصفيق مراكبنا للغور في الأديم, كحلقة مفرغة ندور عيانا ً بحثا ً عن أتربة تليق بإنسيَّة الإنتظار ولوحات العدم الشاهقة في تذويب الحنين على الطرقات !
غادر عنّي البحر فطفق فيّ لسع السُّكون وصبئت من ايّ حجة مغموسة بوله الهروب وغربت شمس الأضحيات تكتبني : وجهها ظلٌّ ومطر ودون الوقت بها رماد وعِلَل
أيَّتها الملمّات حين تقضين بفصل مسافات الوصول , خُذينا في حِلمك دعوة عارضة , وارتقي بمجمل حالنا سماوات , حيث في القمر لنا سجعٌ مريد , يبادر نورنا حال خفوت , فأفواهنا ملتصقة بالرياح تطرُبُ حالة فزع البدايات , ولا تكون النهاية فاتنة إلا بصوت ذاك البحر , الفقير إلى شخوص العين حين تهوي في هوس الحب القديم .