على بابِـــــه - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
!!!!! .....( نـــــذرولـــــوبــــيــا ) ..... !!!!! (الكاتـب : خالد العلي - مشاركات : 156 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1780 - )           »          ما لا يمكن أن تكتبه الآلة: بين لهب الشعور وبرودة الشرارة! (الكاتـب : جهاد غريب - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 1 - )           »          فواصل شعرية ( 3 ) العيد (الكاتـب : نوف الناصر - آخر مشاركة : خالد العلي - مشاركات : 17 - )           »          هلوسات شاعرة ..! (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 11 - )           »          في المقهى .. ؟ (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 4484 - )           »          يوم عرفة (الكاتـب : عبدالإله المالك - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 1 - )           »          عِــنَـــاق ....! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 24 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : جليله ماجد - مشاركات : 75370 - )           »          ارتعاش في جوف الصمت. (الكاتـب : عُمق - مشاركات : 0 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-12-2012, 03:08 PM   #1
مريم الضاني
( أديبة )

الصورة الرمزية مريم الضاني

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 14

مريم الضاني غير متواجد حاليا

افتراضي على بابِـــــه





" يا الله ... يا الله "
تلهجُ بهذه الكلمة، وهي تدلفُ من بوابة البنك، و تجرّ قدميها الثقيلتين على بلاطه الصقيل . تخطو خطوات قليلة ثم تتوقّف لالتقاط أنفاسها المتحشرجة، وتسعل سعالًا حادًا ينتهي بصفير يلفت إليها انتباه النسوة من حولها . تُمسِك بإحدى يديها كيسًا كبيرًا شبه فارغ ، و تمسك بالأخرى عكازًا تتكئ عليه . أخرجت من الكيس منديلًا، وبصقت فيه ثم قذفته في الكيس .
لم يكن المقعدُ الوحيدُ الشاغرَ في الصالة بعيدًا عنها، إلا أنها كانت تكابد كي تصلَ إليه، وما أن حاذته حتى استدارت وتهالكت عليه، وهي تجفّف العرق المتصبب بغزارة على وجهها .
ابتسمت لها موظفة الصرافة التي اعتادت أن تراها مطلع كل شهر، ثم نهضت من وراء مكتبها وانحنت لتصافحها بودٍ ظاهرٍ قائلةً :
سلامتك يا خالة... تبدين مريضة ! .
تشبّثت العجوز بيد الموظفة، وعندما همَّت الموظفة بسحب يدها من بين أصابع العجوز، ضغطت عليها بقوة فاستسلمت الموظفة لها برفق .
قالت بصوت متهدّج :
يا ابنتي ، الربو أتعبني... وهموم الدنيا، والدواء الذي ارتفع ثمنه .
ـ لا بأس، هوّني عليك ! . إن الإنسان مبتلى في هذه الدنيا، ولا أحد منّا بمنجاة من الهموم .
سحبت الموظفة أصابعها من بين كفَّي العجوز بلباقةٍ، ثم عادت إلى مكتبها لتبحث عن بيانات العجوز، في ما تسمّرت عيناها على شفتَي الموظفة، منتظرةً سماع العبارة المعتادة المحبَّبة إليها:
" انتظري دقائق يا خالة ريثما أسحبُ نقودك" .
مضى وقت طويل، والموظفة تضرب بأصابعها على أزرار الحاسوب، وقد اكفهرّ وجهها . بدأ القلق يتآكل العجوز التي اتّكأت بذقنها على مقبض العكاز؛ محاولة ًحبس الصفير الذي يتصاعد من صدرها، ويُلفِت إليها المزيد من الأنظار . فجأةً، تركت الموظفة جهازها وأطرقت، فتململت العجوز في مقعدها متسائلةً بوجل :
خيرًا يا ابنتي، ما بك ؟ .
ـ والله لا أعرف ما ذا أقول لك ! .
ازدادت حدة صوت صفير صدرها حين قالت :
ـ يا ابنتي تكلّمي!.
ـ لقد أوقفوا الإعانة الشهرية عنك يا خالة .
وجمت العجوز وبدت ساكنةً في مقعدها كتمثالٍ حجريٍّ.
أردفت الموظفة :
ـ قالوا :إنّ شروط منح الإعانة لا تنطبق عليك؛ إنهم يعينون الأرامل ومن ليس لهنّ وليّ ينفق عليهنّ، مثل : الأب، أو الزوج، أو الأبناء . .يقول تقريرُهم : أن لديك ثلاثة أبناء ذكور... بارك الله لك فيهم !.
أشارت الموظفة بسبابتها إلى شاشة الحاسوب قائلة :
ولدك البكر اسمه :أحمد حسن ، أليس كذلك ؟ .
ـ ........... .
بدت علامات الدهشة على وجه الموظفة حين علّقت قائلةً :
ـ أحمد حسن ، كانت زوجته جارةً لأختي .ألا يمتلك عمارة ًسكنيةً فاخرةً في وسط المدينة !؟ .
خيّم الصمت عليهما فيما حاولت الموظفة التشاغل بجهازها لتخفي إحراجها.
همّت العجوز بالنهوض من مقعدها لتنصرف، بيد أنها تراجعت، وقالت بنبرةٍ خنقتها العبرة :
والله يا ابنتي، لا أحد من أبنائي الثلاثة ينفق عليّ ...شغلتهم الدنيا ... شغلنا الله بطاعته !.
نهضت من مقعدها، وخطت خطوتين، ثم التفتت إلى الموظفة، وتساءلت وعيناها تقطران رجاءً :
هل قرارهم هذا نهائيّ ؟، أقصد .... أقصد حتى لو شرحتُ لهم ظروفي ؟ .
ـ لا أعلم يا خالة .
فتحت الموظفة حقيبتها، وأخرجت منها نقودًا، لفّتها بمنديل، ودسّتها في يد العجوز خفيةً، فأعادت العجوز النقود إليها قائلةً :
لا، لا، وسّع الله عليك ! .
مضت ببطء صوب بوابة البنك، تجّر قدميها الثقيلتين، تخطو خطوات قليلة ثم تتوقّف لالتقاط أنفاسها المتحشرجة، وتسعل سعالًا حادًا ينتهي بصفير، و تلهج بكلمة :
" يا الله ... يا الله ".

.................................................
بقلم : مريم خليل الضاني
من مجموعتي القصصية ( سرداب التاجوري )

 

مريم الضاني غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:53 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.